الوحدة الممكنة ..وارادة الوحدة

 

 

لا دوام لوحدة بين دولتين إلا بإرادة الشعبين ، وبشعور كلّ شعب بأنّه ينال حقوقه وأن القانون لا يفرق بين هذين الشعبين في أيّ حق من الحقوق ، وأنه لا وصاية لشعب على آخر ولا هيمنة.. ومن الحكمة أن تتنازل الدولة الأقوى عن كثيرٍ من حقوقها لصالح الطرف الضعيف لكي يشعر الضعيف بالأمن والأمان ، وكلّ ضعيف يحذر من القوي ويهابه ويطالب بحقوقه ، إلى أن يبلغ اليأس مداه ، وعندئذ يتمرد ويكسر طوق الخوف من قلبه ، وعندما يقاوم بالقوة فإنَّ مقاومته تزداد وتتحد كلّمته وينضم المعتدلون إلى المتطرفين ، وتبرز زعامات وقيادات متطرفة ، وتجاهل مطالب الطرف الضعيف في البداية خطأٌ كبيرٌ لأن ما يقبل في البداية من الطرف الضعيف قد لا يقبل فيما بعد عندما ترتفع الأصوات في المطالب ، والمفاوضات العاقلة الحكيمة هي السبيل الأفضل لمواجهة التوترات بين الشعبين ، والوحدة القائمة على أُسُسٍ سليمةٍ وعادلة ومتوازنة قد تدوم بإرادة الطرفين ، ولا تدوم بالقوة والقهر وتجاهل المطالب المشروعة ، والشعوب العاقلة تتجه للوحدة وتؤيد الوحدة لأنّها تقوي الدولة وتمكنها من الدفاع عن مصالحها ، ولا مكان للدول الصغيرة والضعيفة ، وهي مستضعفة في نظر الدول القوية , ولو رأت الدول الضعيفة نفسها في مرآة الدول الأقوى لما رضيت بصورتها , واختارت الوحدة مع دولة مجاورة تجمعها معها روابط مشتركة , كاللغة والدين والتاريخ المشترك والمصالح المشتركة والجغرافيا , ويدوم الاتحاد أكثر من الوحدة , لأنّ الاتحاد لا يلغى خصوصيات كلّ دولة , ويحتفظ لكلّ دولة باختياراتها ويحكمها أبناؤها, وهذا يرضي الطرف الضعيف.

ولا يمكن للعالم العربي أن يكون قوياً في نظر العالم تُحترَم إرادته وتُقدَّر مواقفه وتُحمَى مصالحه إلا بوحدته , فإن لم تتحقق الوحدة الارادية العاقلة, وهذا أمرٌ يجب التسليم فيه, فلا أمل في وحدة عربية جامعة , وأعداء هذه الأمة يقفون في وجه كلّ توجه وحدوي أو خطوة وحدوية , لاختلاف المصالح والمواقف والسياسات والتفاوت في الثروات , والأقرب للواقع هو وجود اتحادات بين الدول المتجاورة المتماثلة كالمغرب العربي ,ودول الخليج, وبلاد الشام والعراق, ومصر والسودان وليبيا , مع الاحتفاظ بكيان كلّ دولة ، واستقلالية قراراتها واختياراتها , والاتحاد هو إطار للتعاون الثقافي  والاقتصادي والتقارب في المواقف والتنسيق في الدفاع عن المصالح المشتركة  , ويكون الاتحاد بين هذه المجموعات هو خطوةٌ أولى لتعاون أكبر وبناء الثقة بين الدول العربية , ولا قوة لهذه الأمة إلا بوحدة دولها وشعوبها , ولا مفاوضات عادلة مع الآخر إلا في ظلِّ هذه الوحدة المرجوة ، ولو كانت وحدة في المواقف وترسيخ الثقة المتبادلة 

( الزيارات : 771 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *