ذاكرة الأيام. عيد بلا عيد.

 ذاكرة الأيام. عيد بلا عيد.

الدكتور محمد فاروق النبهان

مازالت ليلة العيد في حلب في ذاكرتي . لم أنسها ، ولم تغب عن ذهني .

اليوم أذكرها أكثر مما كنت أذكرها من قبل . اليوم أذكرها وأنا أتألم وأحزن . الصورة تتجدد .

 ما زالت أسواق حلب التاريخية التي لم تكن تنام أبداً في ليلة العيد . كانت الأسواق مضاءة ومزدحمة ومليئة بالحياة وملامح الفرحة على الوجوه  الرجال والنساء والأطفال . الكل يحمل بيده ما هو بحاجة إليه لأجل العيد . كانت أكباش العيد تملأ الشوارع والأزقة .

 واليوم عيد بلا أكباش ولا أضحيات . فرحة العيد هي فرحة مجتمعٍ بأكمله , لا احد لا يشترى شيئاً لأجل العيد .

حلب القديمة كانت أكثر جمالاً بالعيد . مظاهر العيد كانت في كل مكان . لا أحد ينام ليلة العيد . كل شيء يعبر عن العيد ويقول لك : غداً هو العيد , تذكرت هذه الصورة في ذاكرتي ، وأنا اعرف أن حلب القديمة تعيش محنة اليوم .عيد بلا ابتسامة . عيد بلا أكباش الأضاحي , وبلا فرحة وبلا ابتسامة . هناك الجائع والخائف والمحروم .

ما أقسى أن تجد أطفالك يبكون في يوم العيد ؟!

 ما أقسى ما يفعلون بك يا حلب ؟!

 لا أحد يذكر جراحك ولا أحد يتكلم عنك .

 لا أحد يتحدث عن مدينة بلا أنوار ولا مشاعل .

 إنها تغرق في الظلام . ما ذنب الأبرياء فيما يفعلون بك يا حلب المجد والتاريخ . أي عيد ستستقبلين يا حلب ؟!

 أين شموخك وأين كرامك وأين الكبار من أهلك وسكانك ؟!

 ما ذنب الأبرياء فيما يفعلون ؟!

كنا نتبادل التهاني بالعيد واليوم نخجل ونحن نتبادل التهاني في يوم حزين على المحرومين من أي مظهر من مظاهر العيد . عيد بلا عيد .

 اللهم تول أهلنا في حلب برعايتك وفضلك .

 اللهم إنهم أذلوا وظُلموا ولا ناصر لهم إلا أنت يا الله .

 اللهم إنهم عبادك ولا ذنب لهم فيما يفعلون بهم من إذلال وحرمان , فخذ بيد المستضعفين وأعد لهم الأمن والسلام . هذه بلاد الصالحين من عبادك فتولها بالرعاية وخفف عن ضعفائها ما يعانون من ظلم الظالمين وقسوة الطغاة الاثمين .

( الزيارات : 963 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *