ذاكرة الأيام

ذاكرة الايام..اختر ما تقرأه
كنت فى طفولتى الاولى اشكو من صفة كانت تلازمنى , وكنت اضيق بها وهي ظاهرة الشرود وهو انصراف الذهن عمن كنت تنصت اليه فتغيب عنك بعض الافكار التى تسمعها ممن يحدثك , وهي ظاهرة لا اعرف سببها , وبدأت العادة من المرحلة الدراسية عندما كنت اسمع الدروس من الاستاذ , وكنت اغيب عما اسمع فلا اتابعه فيما يقول , وعندما اعود اشعر ان بعض الافكار قد فاتتنى فلم اسمعها , احيانا كنت اسجل بعض العبارات او الافكار التى كانت تشغلنى , احيانا انشغل بفكرة سمعتها ممن انصت له , وبخاصة اذا كان الموضوع الذى اسمعه ليس مقنعا لى , ما يعجبنى كنت انصت له باهتمام , وحاولت ان افسر هذه الظاهرة النفسية , ولعل اهم الاسباب هو عدم قناعتى بما اسمع , كنت احب الدروس الجادة والقراءات ذات البعد الفكرى التى تدل على عمق وتأمل , كنت سريع القراءة ولا اقرأ العبارات وانما اهتم بالافكار , ما يعجبنى اقرأه ومالا يعجبنى اهمله , كنت اهتم باختيارى لما اقرأ ولما اسمع , كان يثير انتاهي اسلوب المبالغات فىما اسمعه او اقرأه , كنت انكر الكثير الذى لا اقتنع به مما اقرأه , هناك الكثير مما لا يستقيم معناه وتشير القرائن الى وجود تجاوزات فيه مما لا تكون فى العادة , كنت اختار الكتب التى يعجبنى اصحابها لدقتهم فيما يكتبون , وكنت اهتم بما اسمعه , وتثير اهتمامى الكتابات الجادة التى تعبر عن فكر كاتبها وتميزه , وكانت تعجبنى الكتابات العلمية التى تضيف شيئا مفيدا ولا احب التكرار ولا المبالغات ولا اميل الى الكتابات العاطفية فى المجالات العلمية , هناك كتابات رصينة ومعبرة وتعبر عن دقة اصحابها , وهناك كتابات لا قيمة لها ولا تضيف شيئا , كانت الكتابة تعبر عن زمانها ومكانها وخصوصيتها ولا تنفصل عنها , لم اكن احب منهج الجدل وعلم الكلام وكل مالا اراه مفيدا , كنت لا احب التكلف فيما يكتب , ولا الخوض فى المتاهات البعيدة , ولا احب المطولات من الكتابة العلمية ولا اجد فيها الجديد , وتعجبنى الكتابة المختصرة والغنية بفكرها ومضمونها , هناك من كنت احب ان اقرأ لهم وهناك من لم اقرأ لهم لاننى لم اجد لديهم ما يمكن ان يكون مفيدا لى , ولكل انسان اختياره فيما يحب سماعه اوقراءته , هناك علاقة بين الانسان وما يحبه من الافكار والاهتمامات , لا احد هو اولى بالاعتبار من الاخر ولكل اهتمامه فيما يختار , كنت اريد ان افهم اكثر , هناك افكار قد تصل اليك , وهناك افكار قد لا تصل اليها واذا وصلت فقد لا تحمل لك ماتريد منها ..

( الزيارات : 1٬423 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *