سوريا ..والحب الممنوع

سوريا .. الحب الممنوع
كل انسان فى العالم يمكنه ان يحب من شاء , وكل بلد فى الدنيا يمكنه ان يحب من يريد ويكره من يريد , وان يقترب ممن يريد , وان يبتعد عمن لا يريد ..ما عدا غادة الشام الجميلة فهي اسيرة حب من يحبها ولو كانت كارهة له لا من تحبه وتختاره لنفسها , وعليها ان ترضى بالزواج من ابن عمها ارادت ام لم ترد..هذه هي العادات العربية , ومن لا يعرف هذه العادات فعليه ان يعرف , والاّ يخاطر بحب غادة الشام ..
احبها الامويون وهم سادة العرب وجعلوها عاصمة ملكهم واستباحها ابومسلم الخراسانى وقضى على جيشها الاموى , واحبها العثمانيون وانتفض لها الشريف حسين وانقذها من براثن الترك, ولما اراد الامير فيصل ان يكون ملكا عليها طرده الفرنسيون ..وبعد الاستقلال ظنت انها ملكت زمام امرها واقامت نظاما ديمقراطيا, وتحركت الحمية العربية للسيطرة على غادة الشام , وقام اول انقلاب عسكرى فى سوريا بتشجيع خارجي للسيطرة على سوريا , وتتالت الانقلابات العسكرية بين مؤيدى حلف بغداد الحب الشامي القديم للعراق الذى قاده حزب الشعب برموزه الحلبية وبين مؤيدى الحلف المصرى الناصرى الذى قاده حزب البعث برموزه الاشتراكية ..
لم يدرك النظام فى سوريا ان سوريا لا يمكن ان تحب ايران ولا ان تكون حليفة لها فى مواجهة المصالح العربية فى المشرق العربى والخليج بخاصة التى تطمع ايران ان تسيطر عليه , لم تحسن سوريا السمية اختيار الموقع المناسب لها فى المنافسة العربية الفارسية كطرف وسيط يمد يده الى كل الاطراف المتصارعة فى المنطقة من غير انحياز مخل بالتوازن الاقليمى , العربي الفارسى , والسنى الشيعي , ما كان يمكن لسوريا ان تتحدى واقعها التاريخى وانتماءها ومزاج المنطقة كلها , هذا هو الحب الممنوع الذى لن يُسمح به..كانت الثورة السورية هي ثورة اليأس والغضب بتجاوز الخطوط الحمراء فى علاقة سوريا بايران ذات الطموح الاقليمى بالسيطرة على كل المشرق العربي ..
دفعت غادة الشام ثمن الحب والغرام غاليا ..ايران لم تسمح لغادة الشام ان تعود الى حضن القبيلة العربية فانطلقت القوافل الغاضبة من كلا الطرفين السنى والشيعي للسيطرة على غادة الشام التى شوهت سهام المحبين لها وجهها الصبوح وادموها بسيوفهم الجارحة وياليتهم ما احبوها ولا انتصروا لها ..لو احبوها لما كان صراعهم عليها مشوها لجمالها وهادما لتراثها..
وكل طرف ينادى فى زحام المعركة : لبيك لبيك ياسوريا ان لم تكونى لى فلن تكونى لغيرى ابدا ولوكان فى ذلك دمارك ..ومازالت غادة الشام اسيرة حبّين وهي لكل منهما كارهة متعالية شامخة , وتريد ان تكون كما كانت دائما عربية راقية متسامحة ابية واسطة العقد تطل على الشاطئين المتصارعين وقلبها ملك لها لا احد يعلم هواه وسره وهي لا تمنحه الا لمن احبت وخفق قلبها له ممن يحسن فهم قيمها الحضارية..

( الزيارات : 679 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *