طروادة بين الامس واليوم..

كلمة اليوم
قصة طروادة بين الامس واليوم..
تحدث الشاعر اليونانى الكبير هيردوس فى الالياذة ان الامير بارس الجميل الوسيم ابن ملك طرواده العظيمة احب الفاتنة الجميلة هيلينا زوجة ملك اسبرطة واحبته وهربت معه الى بلده طروادة المملكة الجميلة ذات العمران العظيم والاسوار المحصنة ، غضب الملك لخيانة زوجته وقرر ان يخرّب طروادة ويدمر عمرانها ويحرق اثارها ويذل رجالها ويسبى نساءها ويأسر ملكها وامراءها الذين اذلوه واهانوه فى شرفه وكبريائه وشموخه ، اعد جيشا عظيما يضم الف سفينة حربية مليئة بالجند المقاتلين واقام تحالفا مع كل الملوك الذين غضبوا لغضبه كتحالفات اليوم المشبوهة ، وحاصر طروادة من كل جهاتها لمدة عشر سنوات فلم يتمكن من اقتحام اسوارها المنيعة ولا الوصول الى اهلها الذين تكاتفوا للتصدى للعدوان الغاضب المتغطرس ، كانت طروادة ذات الحضارة والمجد محصنة باسوار متينة واعمدة صامدة بناها عظام رجالها على امتداد تاريخها ، ولما فشل الغزاة فى اقتحام طروادة الوديعة قرر الملك الغاضب المجروح ان يقتحم طروادة بحيلة ذكية وخادعة وغادرة وهو شأن الغزاة فى كل العصور ، اعد حصانا عظيما من الخشب المتين طوله مائة متر ، وادخل اليه الرجال الاشداء من جنوده ، وقدم هذا الحصان العظيم هدية محبة وسلام لشعب طروادة العظيم المحب للخيول والفروسية وشهامة الرجال الذى استقبل ذلك الحصان بفرحة وبهجة وامتنان ، وخرج الى الشوارع مستقبلا الحصان العظيم يغنى ويرقص ويعربد الى ان حلّ الظلام واستسلم اهل طروادة للرقاد بعد ليلة مفرحة ومبهجة ، وفجأة وعلى غير توقع خرج الرجال الاشداء الغاضبون فى ظلمة الليل من مخبئهم فى هيكل الحصان المنتصب فى ساحة المدينة ، ففتحوا الابواب وهدموا الاسوار واحرقوا كل طروادة بكل قصورها واثارها وابنيتها وقتلوا الرجال وسبوْا النساء ، واستعادوا الاميرة الجميلة الخائنة ، وانتهت طروادة كمملكة وتاريخ وشعب وحضارة واصبحت انقاضا مهملة وبقايا اعمدة مترامية ومبعثرة يتحدث عنها التاريخ كما نتحدث عنها اليوم …
هل نعيش اليوم احداث الماضى كما كان وحصان طروادة اليوم يقف على الابواب ووراءه جيش ينتظر الانقضاض فى ليلة غفا فيها السكان ورقدوا ، ولم يعد احد يسمع ذلك الصوت الذى ينادى من اعماق التاريخ ان افيقوا ايها النيام فحصان طروادة الاغريقية ليس بعيدا عنكم ولم يكن هدية حب وسلام لشعبها ولا بادرة دفاع عن وجودها وكيانها ، وانما هو نذير شؤم لكل السكان من اهل طرواده وما حولها التى كانت فى يوم من الايام مملكة عظيمة يفخر اهلها بحصونها وقصورها وعظمة تاريخها ..فهل نفيق من الغفوة قبل فوات الاوان ، وهل نتصدى لحصان طرواده المشبوه المثقل بالاثام والاحقادالتاريخية قبل ان تفتح الابواب المغلقة على اغماد سيوف ورماح اعدّت بذكاء وروية وخطة لا ارتجال فيها ولا تسرّع لتدمير حضارة شعوب ذات تاريخ كانت متحصنة خلف اسوار متينة من قيم اصيلة للتعايش وثقافة اسلامية موحدة وحامية وعميقة الجذور فى ارضنا الوفية الطيبة التى احتضنت امال شعبنا وطموحاته على امتداد التاريخ ..

( الزيارات : 1٬130 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *