ظاهرة الصحوة الإسلامية

خلال فترة مهمتي في هذه الإدارة مرت أحداث كبيرة على مستوى الوضع الداخلي في المغرب، وعلى مستوى الأحداث في العالم الإسلامي وفي العالم كله، وكنت أتابع كل ذلك.

ظاهرة الصحوة الإسلامية

وأهم ظاهرة ملفتة للنظر هي ظاهرة الصحوة الإسلامية التي بدأت محدودة الأثر في مجال الفكر والثقافة والدعوة، ثم تطورت إلى حركة اجتماعية فاعلة، ولما قامت الثورة الإسلامية في إيران بقيادة الإمام الخميني متحدية الغرب وبخاصة أمريكا، معلنة رفضها لأي تدخل أجنبي ولكل سلطة محمية من الدول الكبرى ذات المطامع الاستعمارية نمت الظاهرة الأصولية، وارتفعت شعارات الأصولية الإسلامية والإسلام السياسي، وأصبح الإعلام الغربي يحذر من خطورة الظاهرة الأصولية ويخشى من الشعارات التي أصبحت متداولة في الأوساط الإسلامية تطالب بتحرير الدول الإسلامية من النفوذ الاستعماري وسياسات الهيمنة والتدخل في شؤون الدول الإسلامية..

وأدت هذه الظاهرة إلى تخوف الأنظمة السياسية في البلاد الإسلامية والجهات الثقافية واشتدت قبضتها على الأفكار والنشاط الإسلامي بشكل عام، وأصبح الإسلام هو الخطر القادم الذي تخشى منه الأنظمة السياسية.

كان الإسلام في البداية هو أداة الأنظمة السياسية لمقاومة الفكر اليساري والاشتراكي، وأدت المنابر الإسلامية دورها في مطاردة هذا الفكر ولو كان معتدلا، ولما تراجعت الأفكار اليسارية وأحزابها وتقلصت راية الشيوعية تعلقت آمال البؤساء والمحرومين بالإسلام ووجدوا فيه الدعوة المنقذة والفكر الإصلاحي…

الإسلام أصيل في فكره وإنساني في منطلقاته وهو دين إلهي يدعو إلى احترام حقوق الإنسان، لا حقد في ثقافته، ولا يسعى لتقويض القيم الأخلاقية، ولا يعبر عن طبقية ولا ينتصر لطائفة ولا يحمي ظالما، أما الشيوعية فهي دخيلة على مجتمعنا ويرفضها العقلاء والحكماء لأنها تقوم على أساس الحقد الطبقي وتقويض قيم التعايش، ومن الطبيعي أن تفشل الشيوعية وكل فكر يستمد ملامحه منها وترتفع راية الإسلام في المجتمعات الإسلامية، وهذا هو الوضع الطبيعي والحتمي، ولا خيار لشعوبنا إلا أن تلتمس الخلاص في ظل الإسلام، وان تقاوم الظلم الاجتماعي والاستبداد السياسي والانهيار الأخلاقي بسلاح الثقافة الإسلامية الأصيلة والمعبرة عن القيم الإسلامية الصحيحة…

أردت خلال هذه المرحلة القلقة أن تكون دار الحديث الحسنية هي الحصن المتين الذي تحتمي به القيم الأصيلة، وسطية عاقلة، ومنهجية تربوية سليمة، وصوفية معرفية لا طقوس فيها ولا شطحات، وسلفية في العقيدة تؤمن بالحوار وتلتزم بأدب الاختلاف، وتعترف بحق الآخر في الاجتهاد وتنظر للتراث نظرة احترام لا قداسة، نأخذ منه ما يفيد وما يضيف، ونهمل منه كل ما كان سلبي الأثر بعيدا عن أخلاقية القيم الإسلامية.

( الزيارات : 1٬636 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *