ما يريده الله الصلاح

ا يريده الله .. الصلاح

………………………………

منذ طقولتي المبكرة كنت اخلد لنفسي متاملا فى الحياة محاولا ان افهم مراد الله فيها , وكنت اتأمل في ذلك الانسان المكلف من الله والمخاطب والمؤتمن على الحياة ، كنت كباحث عن ضالة في ارض واسعة تشمل الكون كله ، وكنت اقول لتفسي هامسا : ما الذي يريده الله من ذلك الانسان وكيف يتقرب اليه ، كانت لى خلوة في الكلتاوية القديمة قبل ان تبنى وتكبر في زاوية منعزلة اخلد فيها لنفسي  ، كنت انامل في كل شيء واحاول ان افهم هذا الوجود وهذه الحياة  ، واطل من خلال ذلك  على الوجود كله بكل تجلياته ، واول ما تعلمته منذ طفولتي المبكرة هو القران الكريم على يد شيخين صالحين الشيخ بشير حداد والشيخ اديب حسون ، كان السيد النبهان طيب الله ثراه بتولى امر تربيتي الايمانية وتكويني الفكرى ، ولم اتأثر بغيره ابدا  ولا اذر انني تاثرت باحد بعد ذلك ، كنت معه في كل مجالسه الخاصة والعامةً , وانصت اليه وكانني المخاطب بها ، كانت علاقتي به علاقة حفيد بجده المؤتمن عليه ويطبعها الاحترام والمحبة والثقة , وكنت ارى فيه الكمال وافعل بارادتى ما يفعل ثقة به ، وهي علاقة عاطفية وتربوية وروحية ، كنت انصت ياهتمام , وافهم ما يقول  وكنت افهم عليه ولو بالاشارة ، واخذت العلم عن كبار علماء مدينة حلب المشهود لهم بالعلم والتقوى ، وكان الكل يخصني بالاهتمام ، وكان لدي سؤال كنت اطرحه على نفسي , واريد ان اجد جوابا عنه ، شعرت ان العلم مهنة كبقية المهن الكسبية ، وتخضع هذه المهنة لما تخضع له المهن الاخري من معايير الجودة والاتقان ، كانت اهتماماتي مختلفة عن كل الاخرين , وشعرت بغربة داخلية  ، لم يشغلني ماكان يشغل زملائي الاخرين من الاهتمامات ، كنت احب الصمت  , وانصت لما كنت اسمعه ، واتامل فيه ، كنت اطرح على نفسي اسئلة ولا اجد الجواب عنها  ، وكنت اقل اهتماما بما كان يشغل غيرى ، كنت اذهب بعيدا في تأملاتي عن الوجود والحياة والدين ، وكنت اريد ان افهم اكثر ، كنت اريد ان افهم لنفسي وبنفسي ، كنت اقول لمن يريد ان يشرح لى : دعني افهم بنفسي كل شيء ، الست المخاطب ، والمخاطب مكلف ان يفهم ما خوطب به بطريقته الخاصة به ، وهذا هو معنى الاجتهاد الحقيقى  ، وكنت ارى ان كل واحد يرى ما فيه هو الحق الذى يترجح له صوابه ، فاين الحق اذن في هذا التدافع الذي تحركه المصالح الانانيةً والاهواء ، كنت انكر بصمت الكثير مما كنت اراه امامي ننا كان يصادفنى ، رأيت مسلمين كثر في كل مكان ويرفعون شعارات الاسلام , ولم ار حقيقة الاسلام ، كنت ارى غابات كثيفة بلا ثمار ، كنت ادرس الاحكام الفقهية كاعراف وعادات بلا روحية ، لم اكن مقتنعا بمنهجية ما كنت اتعلمه من العلوم المختلفة ، منهجية التلفين بلا تفكير تنمى فيها منهجية التقليد بلا تأمل , التعليم يحتاج الى هوية ، كان الانسان غائبا وكانه غير موجود ، كنت اشعر اننا نعيش بعقلية الماضي ونكرر احداثه ، لم اقتنع بما كنت اسمعه من افكار ، ثقافتنا لم تكن تكوينية ، كان المخاطب غائبا ومهملا ومنسيا وكانه لا وجود له ، كان كل من حولى يرفع شعار الاسلام ، ولكنني لم اجد حقيقة الاسلام الروحية التي تحترم فيها الحياة والانسان ، كنت ارى خللا في فهمنا للاسلام كرسالة من الله ، غابت الرسالة بكل اصولها ومقاصدها واستبدلت بتراث الاجيال وتدافعاتهم  وتعددت المذاهب واصبح كل مذهب هو الاسلام , وهو الاحق به , وكل الاخرين على باطل وضلال ، وترسخت ظاهرة الانقسام والتعصب الاعمي ، وكنت اقول لنفسي : اين هو الاسلام كمنهج الهي لاجل استقامة الحياة باسباب الاستقامة التي يراها كل مجتمع لتفسه ويترجح له الصواب فيها ، وتذكرت انني في تلك الطفو لة ذهبت الى السيد النبهان طيب الله ثراه , وقلت له ببراءة الاطفال ، ماالذي يريده الله من الانسان ، قال لى مندهشا  , وكانه يتساءل عما يعنيه هذا السؤال المفرط في السذاجة ، قال لى : ان تكون رجلا صالحا ، قلت له :  كفى كفى، لم اكن اريد اكثر من ذلك ، فهمت كل شيء وانفتحت لى الابواب التى كانت موصدة ، اذن لما ذا نوجه اهتمامنا للفروع ونختلف فيها ونتجاهل الاصول التى هي احق بالاهتمام ، الاسلام ليس حقبة تاريخية يجب ان تتكرر في كل عصر ومجتمع كما كانت ، وانما هو منهج حياة ايمانية وروحية تطبق في كل عصر بما يراه مجتمعه من الكمال الذي تحترم فيه العدالة في الحقوق بين العباد فيما سخره الله لهم والاستقامة في السلوك الاجتماعي واجتناب كل المنكرات والمظالم والفواحش التي تفسد الحياة ، كل ما يفسد الحياة هو من المحرمات , وكل ما يصلحها من النظم والمواقف والقوانين هو محمود ومطلوب ، وهو من اوجه العبادة التي يتقرب بها الى الله , ويتقرب الى الله بكل عمل صالح ولو بزرع شجرة واطعام قطة ، لا شيء من المعروف الذي يراه مجنمعه حسنا من المحرمات ، ولا شيء من المنكرات التي تفسد الحياة من الاسلام الذي خاطب الله به الانسان في كل عصربه ,  بالكيفية التى تصلح الحياة وتحافظ عليها ، تذكرت انني تلقيت العلم عن اكبر علماء العصر في حلب ودمشق ومصر والتقيت بالكثير من اعلام السلفية في الرياض وكل الكفاءات المجتمعة في الكويت واعلام المالكية في المغرب ، وفي النهاية اغلقت كتبي  واعدتها لمكانها , ، انها علوم المهنة العلمية ، وعكفت بعدها على التامل  لفهم ماتعلمته لكي تخرج تلك الاشجار ثمراتها المرجوة ، كل ما درسناه فى الكتب ليس مرادا لذاته ، والمراد منه ثمرته التي تصلح الحياة ، ان يكون الانسان صالحا بذاته وهو مراد الله ، والصالح هو الذي يصلح الحياة لا ياقواله  المحفوظة , وانما بفهمه لمراد الله ، وهذا هو معني الامانة والاستخلاف في الارض بما يصلحها ويمنع من فسادها ، كل مكلف مؤتمن على الحياة ان يقاوم الفساد والطغيان والمظالم والحروب واكل اموال المستضعفين بالباطل والعدوان على الابرياء من الافراد والشعوب ، هذه هي الرسالة التي ارسل الله بها رسوله الكريم لكي يبلغها ويبين احكامها ومقاصدها ، هذا الانسان هو المخاطب برسالة الله , وهو المؤهل لفهمها باداة الفهم التي زوده الله بها ، لا احد من عباد الله خارج التكليف والامانة ، من احسن من كل العباد فله اجره بما احسن فيه , والله لا يضيع اجر من احسن عملا ..

……………………………………….أعلى النموذج

ح

( الزيارات : 245 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *