مسؤولية الدعاة

بعض الملتزمين بأحكام الإسلام والغيورين عليه قد يسيئون إلى الإسلام عن حسن نية ويعتقدون أنهم بذلك يدافعون عن الإسلام , والسبب في ذلك ليس هو الجهل بأحكام الشريعة وإنما الجهل بحقيقة الدين ومقاصده وأهدافه ، ولا يمكن فهم الشريعة إلا بفهم المقاصد المرجوة من أحكام تلك الشريعة ، وأهمها احترام الإنسان واحترام حقوقه الإنسانية وحماية المصالح الاجتماعية العادلة ، والتمسك بحقيقة الدين التي تدعو إلى الالتزام بآداب الإسلام في العبادة والسلوك واحترام حرية الإنسان حيث كانودفع الحرج عن المكلّفين فيما يضرّهم أو يثقل عليهم فيما تتسع له الأحكام من الرخص الشرعية والاجتهادات الميسرة… فلماذا نضيق على النّاس فيما تتسع له الشريعة ؟ .ولماذا ننشر  ثقافة الترهيب والتخويف والوعيد ؟ ولا نعمق ثقافة الرحمة والمحبة والأمل والتسامح  لكي تنشرح القلوب للأعمال الصالحة وتقبل على أداء العبادات بحماس وثقة برحمة الله ..

ولا حدود لرحمة الله فلماذا ننذر ولا نبشر ونغلق الأبواب ولا نفتحها لكي يدخل الهواء النقي إلى القلوب المؤمنة فيزداد إيمانها ,وتقبل على الله بخشوع وحبة,ومن يقبل على الله بالمحبة أفضل ممن يقبل على الله بدافع الخوف, ولا ييأس المذنب من رحمة الله, ومن أقبل على الله بكلّيته وبإرادته وكان صادقاً في هذا الإقبال فلا يمكن أن تُغلق الأبواب في وجهه ولو كان مثقلا بالذنوب وغارقاً في الآثام , وفي لحظةٍ واحدةٍ تتغير القلوب من حالٍ إلى حالٍ آخر ،ومن الظلام الى النور ، ومن المعصية إلى الطاعة ، ومن الكفر إلى الإيمان ، وربما يرتقى هذا التائب صاحب الصفحة السوداء إلى طائفة المقربين إلى الله ، وقد يسبق  من كان أكثر منه طاعةً وأرسخ منه إيماناً ، وربما ينطوي قلب هذا المذنب على ايمان راسخ  ، وادعو كلّ الدعاة أن يحببوا النَّاس بالإسلام بما يقدمونه لهم من فهم عميق لمعاني الإيمان ، وأن يمنحوهم الأمل في الله ، وأن يبعدوهم عن مشاعر اليأس والإحباط ، وأن تكون كلمتهم محببة إلى النُّفوس في لهجتها وأدبها ودلالاتها ، وأن يحببوا إلى الناس حبّ الكمال ، فمن رأى فيما تدعو إليه الشريعة الكمال فإنّه يقبل على الكمال لا خوفاً من العقاب ولا رغبةً في الأجر ، وإنِّما يفعل الكمال    محبةبالكمال ، ولا يليق ان يصدر عن  الإنسان إلا سلوكيات الكمال ,فمن أحب الكمال لا يكذب ولا يخون ولا يغش ولا يحقد ولا يطمع ويفعل الفضائل ويكره الرذائل ولا يسرق ولا يشرب الخمر ولا يؤذي الآخرين ولا يعتدي على احد لأنّ كلّ ذلك مما يتنافى مع الكمال .

نريد أن بتعلّم الدعاة آداب الدعوة أولاً وأن يكونوا قدوة للآخرين فيما يدعونهم إليه ، وأن يلتزموا بمنهج الدعوة ، وأن يكونوا أكثر رحمة ومحبة ، وألا يكلّفواالاخرين بما لا يطيقون من الأعمال ، وأن يتسع صدرهم للمقصرين والآثمين والعصاة ,وأن يأخذوا بيدهم إلى الطرق المعبدة الآمنة ، وأن يخرجوهم من المستنقعات القذرة بالمحبة والأمل والكلّمة الطيبة ، وكلّ غارق في الأوحال يتطلع لمن يمدّ له يد المساعدة لإنقاذهوحمله إلى الأرض الطيبة الخصبة .

( الزيارات : 1٬101 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *