مفهوم الزهد والاعراض

كلمة اليوم
كم كنت انظر بإعجاب الى ذلك الرجل الذى كان يقف على طرف الطريق ، كان الكل يرقب ذلك القادم صاحب النفوذ والجاه العريض الذى يحظى باحترام مجتمعه ، لم يشعر ذلك الرجل بكل ما يجرى امامه من اهتمام كل الآخرين ، لم يتحرك ولم يقف ولم يلتفت وكأنه لا شيء امامه ، تساءلت فى حوارى الداخلى مع نفسى عن سر ذلك الرجل الزاهد الذى لم يثر اهتمامه كل ما جرى امامه ، هل كان على حق ام هو رجل ناقص العقل والفكر ، لم يكن ناقص العقل ولا ضعيف الشخصية ولا ساذج الفكر ..
سألته عن سر سلوكه أجابنى بقوله : انا لا احتاجه فى شيء ولا أخاف منه ولا ارغب فى شيء عنده ، فلماذا اهتم به ..
تابعت سر ذلك الرجل واعجبت بجوابه ، كان عاقلا فى جوابه ، عندما تزهد فى شيء فانه لا يثير اهتمامك ، ما قيمة المال لمن هو زاهد فى المال وما قيمة السلطة لمن كان زاهدا فيها ، وما قيمة الجاه الاجتماعي اذا كنت معرضا عنه ولا تبحث عنه ، الزهد فى الشيء هو الاعراض عن ذلك الشيء ، وليس الزهد كما كان السيد النبهان يقول ان تزهد فى الشيء وقلبك معلق به وانما ان يخرج من قلبك وتفكيرك واهتمامك لانك تعلقت بما هو اسمى منه ، ومن تعلق بالاسمى اعرض عن الادنى لا محالة ، ومن تكلف الزهد فليس بزاهد ، ومن رأى نفسه زاهدا فقد شغل بزهده عن حقيقة الزهد ..
ليس الزهد ان تعرض عن كل شيء وانما الزهد ان تعرض عما لا يهمك لانك تعلقت بما هو اسمى واعلى ، فالرغبة فى الشيء يدفعك للاعراض عما عداه ..

( الزيارات : 919 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *