كلمة اليوم
جهد العقول فى البحث عن الحق والصواب جهد محمود لان العقول مكلّفة باداء مهمتها فى التمييز بين الحق والباطل والصواب والخطا , ولا عذر لمقلد فى التقليد اذا كان قادرا على التوصل للحق بجهده , وكل اجتهاد عقلى قابل للخطأ والصواب , ولا عصمة لاحد الا للانبياء لانهم حاملو رسالة الى من ارسلوا اليهم , والغاية من اعتماد المنهج النقدى هوالالتزام بمنهج العلماء فى بحثهم عن الحق , وقد ابدع العلماء السابقون فى اعتمادهم المنهج النقدى فى كل العلوم الاسلامية , ففى علم القراءات فرقوا بين القراءة الصحيحة والشاذة و وفى علم التفسير فرقوا بين التفسير المحمود والتفسير المذموم وانتشار الاسرائيليات فى التفسير , وفى علم الحديث ابدعوا فى علم نقد الرواة لمعرفة مرتبة الاسانيد الصحيحة والضعيفة , وفى علم الفقه وضعوا قواعد اصولية للتوصل الى الدلالات اللفظية لمعرفة الحكم المراد من النصوص , وفى علم اللغة ابدعوا فى معانى الالفاظ والنقد الشعرى والادبى , وابدع الامام المازرى المالكي فى النقد الفقهي واشرفت على اطروحة دكتوراه لمنهجية النقد الفقهي عند المازرى , كما تميز ابن رشد فى بداية المجتهد فى بيان كيفية استنباط الحكم الفقهى من دليله النقلى , وكتب ابن خلدون اهم كتاب فى النقد التاريخى وهي المقدمة لبيان الرواية التاريخية الصحيحة والرواية التى دخل فيها الوهم والكذب والمبالغة فجاءت مخالفة لاصول العادة وقواعد العمران ..
كم نحتاج الى منهجية راقية للنقد العلمى فى كل علومنا وفكرنا لكي نحافظ على اصالة تراثنا الذى هو نتاج جهد العقول التى ابدعت فيه , ونحن مؤتمنون عليه لكيلا يصاب بالوهن ويختلط الحق فيه بما ليس بحق , والفكر الاصيل بما لا اصل له من قران وسنة , وهذا ما دعوت اليه فى كلمتى امس عن اعتماد المعايير الشرعية فى الحكم على الطرق الصوفية الملتزمة بالثوابت والطرق التى انحرفت عن الطريق الصحيح بسبب الجهل والتعصب والتقليد المذموم الذى لا يخضع للمعايير الشرعية والموازين العلمية المعتمدة ..