ميتقبل امة .. هموم مشروعة

مستقبل امة : هموم مشروعة

………………………

اهم قضية شغلتني طويلا وتأملت فيها كثيرا هي البحث عن اسباب تخلف المجتمعات الاسلامية بعد ان كانت قوية ومتماسكة واقامت حضارة بقيم انسانية راقية الدلالة اسهمت في اثراء التراث الانساني ، كانت المجتمعات الاسلامية في مقدمة الموكب الانساني فيما اسهم به في مجال المعرفة العلمية واحترام حقوق الانسان والتصدي للمظالم الناتجة عن الطغيان والاستغلال وكل الربويات التي يظلم فيها الانسان واحترام حقوق الانسان ، كنت ابحث عن جواب مقنع لذلك التساؤل ، وكنت اتأمل في ذلك بموضوعية ونزاهة لكي اجد الجواب ، لم يقنعني ما كنت اسمعه من المفكرين في المجالس العلمية والمؤتمرات ، ولا ما كنت اقرأه من كتبهم ومقالاتهم من اسباب  ، اعترف انني لم اقتنع بكل ذلك ، وكنت اريد ان افهم لنفسي ومن نفسي ، وكنت انصت لاجوبة هامسة من داخلي اكثر موضوعية وقبولا ، لانها صادقة ، ولا اريد بها استرضاء احد ، هناك الكثير من الاخطاء التي وقعنا فيها في فهمنا لمعني الاسلام ورسالة الله التي خاطب بها الانسان في القران الكريم وفى تجاهلنا لروحية الرسالة الالهية المستمدة من عصر النبوة ومن السيرة النبوية ، كنت أجد اختلافا كبيرا بين اسلام الرسالة كما هو في عصر النبوة , واسلام التاريخ والتراث كما اسهم في اغنائه كل جيل بجهده ، الاسلام رسالة الهية لكل انسان في كل مكان وكل زمان ، ولكل جيل في كل عصر ومجتمع ، الاسلام ليس مجرد تاريخ يجب ان يحفظ كما هو ويكرر ، ولا حقبة تاريخية يجب ان تتكرر كما كانت في عصر السلف والقرون الاولى ، هذا غير ممكن لان الحياة متجددة على الدوام بالاجيال المتعاقبة وبقضايا كل جيل فيما يرى صلاح الحياة فيه من الافكار والنظم التى تحترم فيها احكام الله وروحية الرسالة ، وهذا هو معنى التكليف والمسؤولية ، عصر الرسالة هو العصر الوحيد الذي يستمد منه الاسلام الحق بروحيته التطبيقية  ، والرسول الكريم هو الوحيد المكلف بابلاغ الرسالة بروحية الرسالة كما جاءت من عند الله عن طريق الوحي  فى العبادات والاحكام , ولا يؤخذ الاسلام من جهد الاجيال  المتعاقبة  ولا من احد من الصالحين ولو كان صادقا  وتقيا الا بما وافق روحية الرسالة في الدعوة للخير واحترام الحياة بكل اسبابها ، لا احد من العباد خارج اوصاف انسانيته من العبدية لله والضعف الانساني واحتمال الصواب والخطأ ، لا قداسات للانسان تحت اي شعار ، والقداسة مرفوضة لانها تعنى العصمة , ولا عصمة الا للانبياء والرسل ، ًوكل جيل مخاطب بما خوطب به الجيل السابق له ، وعليه ان يفهم مراد الله في اصلاح الحياة عن طريق مقاومة الطغيان في الارض تحت اي شعار بكل مظاهره في السلطة والمال والمكانة الاجتماعية ، وكل الشرور ناتجة عن ذلك الطغيان والعلو في الارض بما يزين للطغاة ما هم فيه من المواقف التي تدفعهم للمظالم فى الحقوق ، وتبرر لهم العدوان على المستضعفين ، وكان الطغيان  حق مشروع لهم يبرر لهم التجاوز فى الحقوق ، ويوهمهم  انهم الاوصياء على الحياة وعلى الدين والاخلاق ، لقد تر بى هذا الجيل والاجيال السابقة على فهم الاسلام من التاريخ كما كانت عليه الاجيال السابقة ، واستغنت هذه الاجيال بالفروع عن الاصول ، وانشغلت بالدلالات اللفظية وتجاهلت المقاصد والكليات التي ارادها الله والمستمدة من كلام الله ، واصبح التقليد التزاما ووفاءا ، وتعطيل العقل عن فهم الخطاب الالهي ورعا وتقوى ، وكأن هذا الجيل المخاطب بامر الله خارج التكليف والمسؤولية ، كنت اكبر جهد العلماء في القرون الثلاثة الاولى فيما كانوا يختلفون فيه من القضايا الكلامية عن الخلق والوجود من منطلق عقلي ومنطقي تحترم فيه ثوابت الايمان وروحية الاسلام ، واحترم كل ما تركوه من فكرهم الذي اغنى تراث الاسلام بجهد تلك الاجيال ، وكنت احترم جهد الفقهاء فيما اختلفوا فيه في مناهج الاستنباط وتعدد المدارس الفقهية الاولى التي سبقت عصر التدوين ، وادت الى ازدهار الفقه الاسلامى في ظل تعددية يحكمها المكان والزمان معا لكي تكون عادلة وبانية ، كنت احترم كل ذلك كحركة فكرية اغنت تراث الاسلام بما اضافته من جهد الانسان ، كانت مجالس العلم ومؤسساته اقل بكثير مما عليه اليوم ، ولكنها اعطت واضافت وما زالت حية في الذاكرة بما تركته من الاثار , وما حققته من الانجازات العلمية ، كل ما  كان يملكه ذلك الجيل  يملك جيلنا  اكثر منه من  المصنفات والمدونات , وتأملت فيما تخلينا عنه واسهم في تخلف مجتمعنا الى درجة اصبح التفكير زيغا والتعبير عن الراي ضلالا ، لقد اريد للاسلام ان يكون شعارا لحماية ما عليه المجتمع من تخلف وجهل ، ومحنة المجتمعات الاسلامية في عصر التخلف ان الطغيان الذي حرمه الله هو الذي يحكمً سيطرته على الدين والاخلاق ، ويحمي نفسه بالشعارات والمبالغات التي يحبها العامة , وتثير عواطفهم ، كنت ابحث عن الاسلام في المجتمعات الاسلامية,  ولا اجده سوى كشعار انتماء بلا استقامة ، لقد اكتفت هذه المجتمعات بمفهوم العبادة البدنية في الصلاة والصوم وتجاهلت اثر العبادة في الاستقامة واحترام العدالة في الحقوق واجتناب ما حرمه الله من المظالم في المعاملات والمبايعات والاحتكارات وكل الربويات المستجدة التي يستغل فيها الانسان المستضعف ، كنت اتساءل بدهشة :  لماذا تكبر هذه الطبقية الاجتماعية في المجتمعات الاسلامية ويزداد الفقر في الوقت الذي تملك ارضنا اهم الثروات التي اغتصبت بسبب الطغيان الذي يحميه اعداء هذه الامة ، لا بد من المراجعة والتصحيح ، وهو الخيار الوحيد لاجل المستقبل ولاجل ابنائنا واحفادنا ، واهم خطوة في ذلك بناء الانسان اولا ، لكي يتحرر من الجهل وينهض بمجتمعه ، ويجب ان نعترف بمواطن الضعف التي نعاني منها ، افكارنا هي وليدة ما نحن فيه ، التصحيح يحتاج الى شجاعة لا نملكها حتى الآن ، لكيلا يؤدى التصحيح الى الفوضى وتفكيك ما تماسك من هذه المجتمعات ، لن ينهض مجتمع الغد بما هي عليه هذه المجتمعات من الجهل الثقافي وانعدام العدالة في الحقوق والاستبداد والانحلال الاخلاقي ، امة في منعطف ، وكنت اكرر هذه الكلمة في كل مناسبة ، وانا اعني ما اقول : اما المراجعة والتصحيح ، وهذا قرار مكلف , ويحتاج الى جهد اجيال تحمل الامانة التي حملها الانسان ان يجعل كلمة الله هي العليا في الارض ايمانا بالله وعدالة في الحقوق واستقامة تعبر عن الفضيلة التي تليق بمرتبة الانسانية ، واما الخيار الثاني فهو استمرارية ما عليه هذه المجتمعات من التخلف الثقافي والرضوخ لقبضة الطغيان بكل ما يعنيه من التبعية ، وتوهم ان ما نحن فيه هو الكمال ً..……………………….

( الزيارات : 169 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *