ولي الامر.. والمسؤولية..

سلطة ولي الأمر..

ولي الأمر هو المؤتمن على تحقيق المصالح العامة , والأصل في وليّ الأمر أن يكون ممن اختارته الأمة بإرادتها للنظر في مصالحها في كلّ شؤونها , سواء كان خليفة أو ملكاً أو رئيساً , فذلك أمر آخر , والمهم في الأمر أن تتوافر فيه شروط الولاية العامة من حيث الأهلية الشخصيّة والكفاءة والاستقامة وأن يلتزم بقواعد العدل , وأن يحترم حقوق الأمّة في الحريّة والكرامة , وأن يدافع عن المصالح العامة.وهذا الحاكم الذي توافرت فيه شروط الأهلية يملك أن يتخذ الإجراءات وأن يأخذ القرارات وأن يتبع السياسات الداخلية والخارجية التي تحقق مصالح الأمة , السياسيّة والاقتصاديّة والثقافيّة والاجتماعيّة , ومن الطبيعي أن ينطلق في ذلك من منطلق المصالح المعتبرة , وأن يستشير في ذلك أهل الرأي والخبرة ممن يحسنون الرأي ويصدقونه القول والنصح , فما يراه محققاً لمصلحة فعليه أن يأخذ به , وما يراه ضاراً وفاسداً من أوضاع مجتمعه فعليه أن يمنعه , ولا يجوز له أن يبيح ما هو محرمٌ في الدين , أما المباحات في الدين فمن حقّه أن ينظمها ويضبطها ويمنع منها ما كان ضاراً , فالإباحة لا تعني الفعل , فما ثبت ضرره ولو في فترة زمنية محددة وجب منعه , سواء ما ارتبط بالصحة أو العقيدة أو المصالح الاجتماعية ..

وما دامت دوافع المنع هي تحقيق مصلحةٍ عامةٍ ودفع مفسدة أو ضرر فالأمر يجب احترامه , ويدخل ضمن أحكام السياسة الشرعية , سواء فيما يتعلق بالأسرة وأحكام الزواج والطلاق والحضانة أو فيما يتعلق بالصحة العامّة كتحريم المخدرات والتدخين والمواد الضّارة بالصحة, وكلّ ما يؤدي إلى تلويث البيئة والقوانين التي تنظم الطرق والأبنية والأسواق والأطعمة والأماكن العامة , وله الحقُّ في اختيار السياسات الاقتصاديّة والنقديّة والتجاريّة , وأن يفرض الضرائب والرسوم الجمركية العادلة , والمعيار في ذلك أن يكون كلّ ذلك لتحقيق مصالح عامة , وله الحقُّ في استملاك الأراضي والمرافق التي تتعلق بها مصالح الناس , وبخاصة لحماية مصالح الطبقات الفقيرة والمستضعفة , كالعمّال والفلاحين وأصحاب الدخل المحدود , مثل تسعير السلع ومراقبة الإنتاج ووضع قيود على التجارة والصناعة وحماية الصناعة الوطنيّة , وحماية حقوق العمال في الأجور وتوفير ضماناتٍ عادلةٍ لهم في حالات العجز والشيخوخة ..

وولي الأمر مؤتمن على حماية المصالح الاجتماعية , ولا يأمر بما هو محرم في الدين , ولا يظلم أحداً , ولا يعتدي على حقوق أحد ولو كان عدواً له , وكلّ قرارٍ عادلٍ ويحقق مصلحةً عامةً فهو مشروعٌ ويجب احترامه ..

( الزيارات : 1٬553 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *