العدالة لا تنفصل عن الرحمة

كلمات مضيئة..العدالة لا

تنفصل عن الرحمة

 

لا شيء من جهد العقول لا يخضع للنقد العلمى وفقا للمعايير العقلية , ما جاء عن طريق الوحي وطريقه النبوة فهو من المسلمات الايمانية , بشرط ان تصل الى المخاطبين بها عن طريق اليقين , تلك مسلمات نؤمن بها كما هي , ما فهمناه اخذنا به ومالم نفهمه نؤمن به ولا نسعي باهوائنا ان نعبث به , جهد العقول لاتتجاوز العقول فيما احاطت به , مقاييس العقول ليست واحدة وهي متأثرة بمكوناتها واستعداداتها , ما اعتادت عليه العقول اعتمدت ووثقت به , كل المفاهيم العقلية تتجدد باستمرار لكي تواكب عصرها وتحقق ما يراد بها , من اليسير علينا ان نرفع شعار العدالة كمفهوم حقوقى  يمثل الخير المطلق الذى تبنى عليه كل الاخلاق , ولكن كيف يمكننا ان نضع معيارا للعدالة , اين تتحقق العدالة ومتى يبتدئ الجور , من الذى يحدد مفهوم العدالة , اذا كان الانسان فالانسان متغير ومتجدد ومتاثر بمجتمعه , اي نظام هو الاعدل , كلنا  نتحدث عن العدالة فى الاجور والعدالة فى الارباح والعدالة فى التوزيع والعدالة فى الاحكام  , لكل حالة خصوصيتها , مفهوم العدالة يختلف بين فرد واخر وبين مجتمع واخر , لكل مجتمع مفهومه للعدالة , الكل يدعى انه يطبق العدالة , ليست كل عدالة هي عدالة , مفهوم العدالة يرتقى برقي المجتمع وينحدر بانحدار المجتمع , تاملت كثيرا فى مفهوم العدالة ولم استطع التوصل الى رأي , كل الاحتمالات ممكنة , الظلم يشعرك ان شيئا لا يمكن قبوله , كنت اجد خيطا رفيعا يربط بين العدالة والرحمة , لا تنفصل العدالة عن الرحمة ابدا , قساة القلوب الذين يعدلون لا يرحمون , لا بد فى ميزان العدالة من تحيز للرحمة وليس للقسوة , الذين لا يرحمون لا يعدلون ولو عدلوا , اي عدالة هذه التى تعاقب السارق ولا تتفهم قسوة الجوع عليه , لا بد من العدالة قبل العدالة , علينا ان نتفهم الاسباب والدوافع والبواعث التى دفعت المخطئ لارتكاب جريمته , اذا لم تكن العدالة فى البداية فمن الظلم ان تحقق العدالة فى النهاية , الحياة ليست للاقوياء فقط , الحياة للاقوياء والضعفاء معا , هذا هو الدين وهذه هي رسالة كل الاديان , المنافسة لا يمكن ان تكون عادلة الا ان تكون بدايات السباق واحدة , لا مبارزة بين من يقاتل بسيفه وبين من يقاتل بساعده لانه لا يملك السيف الذى يقاتل به , دعوا الاطفال يتنافسون بجهودهم , ليس عدلا ان يكون هناك من هو محمول على الاعناق بماله  وامكاناته المادية وهناك من لا يجد قيمة الكتاب الذى يدرس فيه , ليس عدلا ان يكون هناك من يجد المال والنسب والجاه وهناك اخر لا يجد سوى مشاعر الحرمان والالم والدموع , لا بد من مفهوم عادل للعدالة لكيلا تكون العدالة جورا وظلما , ولهذا فرق الاسلام بين مفهوم العدل والاحسان , فالعدل ليس فضيلة بين متفاوتين , لانه يفتقد معنى الرحمة والرحمة تستدعى تنازل  القوى عن بعض حقه لصالح الضعيف لكي تتحقق العدالة الانسانية التى هي ارقي من عدالة الطغيان التى ميزت بين القوي والضعيف , وهذا هو السبب الذى ادى الى العنف والكراهية والاحقاد والثورات , نحتاج الى فهم عميق لمعنى الدين فى حياة الانسان لكي يعمق قيم الرحمة وترتقي بالاجساد المادية الى نفوس انسانية ذات تميز بخصائصها الانسانية , الانسان ليس مكرما بجسده المادى وانما هو مكرم بما خصه الله من قابليات للخير و قابليات للتفاضل,  والفضيلة من الفضل وهو الزيادة المؤدية الى الكمال , فمالا شوق له الى الكمال لا يمكن ان يكون انسانا ..

( الزيارات : 641 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *