المخالف لما نحن عليه

 كلمات مضيئة…المخالف لما نحن عليه.

اعتدنا فى معظم مجتمعاتنا ان ننظر الى راي المخالف نظرة سلبية , وقد يتهم بالشذوذ والخروج عن راي الجماعة , وكل مجتمع  ينكر اهله من خالفهم  فيما هم فيه , ولا يلتمسون للمخالف عذرا , والاخطر ان ياتى الانكار من العوام الذىن لا يهادنون ولا يرحمون , وهذه ظاهرة اجتماعية نمت بقوة فى عصر التخلف والتقليد والجمود وادت الى التعصب المذموم الذى لا يليق باهل العلم , واصبحت المذهبية الضيقة سواء كانت مذهبية فرقية او مذهبية فقهية او مذهبية كلامية , وادت الى كثير من التباعد والتباغض بين اتباع الدين الواحد او المنهجية الواحدة , ونرى اثار ذلك فى تلك الفرقة والانقسام , واليوم نرى ذلك بين اتباع الصوفية والسلفية , وانقسمت الصوفية الى طرق متنافسة متنافرة كما انقسمت السلفية الى سلفيات متخاصمة , كنت اتساءل عن السر فى ذلك , هل السبب فى ذلك هو الاختلاف فى التفسير والتاويل ومنهج التوثيق ام السبب هو ذلك الاثر الخارجى الموجه والمتحكم والمشجع , ام هو البحث عن التفرد والتميز ولو فى موقف او رأى , الاختلاف فى الرأي هو منهج علمي وهو امر حتمي فالعقول متفاوتة وهي وليدة مكوناتها والظروف المحيطة بشخصية اصحابها , وهو ظاهرة ايجابية تعبر عن جهد اصحابها للبحث عن الحق , والاختلاف لا يبرر التباعد والتنافر , والاختلاف المنهجى لا يبرر التمذهب والتعصب , وكل منهج يعبر عن حاجة مجتمعه اليه , وما تتجدد وقائعه بتجدد عصره وتعاقب اجياله فلا بد الا ان يتجدد الحكم العقلى فيه  بما يتلاءم مع المقاصد المرجوة والمصالح المرادة , لا شيء من جهد العقول لا يقبل التغيير والتجديد لكي يلائم الحكم ما يراد به , الاختلاف يعبر عن التكامل للتعبير عن الاحتمالات الممكنة , التنافس وليس التباغض , من الخطا ان يتوهم الانسان انه يبنى  مجده على  انقاض الاخرين , العالم يكبر بعلمه وادبه ولا يكبر بمن يصفق له من العامة , مجالس العلم هي مجالس الكبار فاذا تحكم فيها الصغار صغرت بهم وفقدت هيبتها فى نظر كل الاخرين , النقد حق ومنهج علمي للبحث عن الحق بالدليل والحجة , فاذا ارتفعت الاصوات فيه اصبح مجلس سفهاء لا مجلس علماء , و فى عصر التخلف يكثر الجهل والكل يبحث عمن يصفق له , ولا احد يصفق للجاهل الا من استفاد من جهله , العلم ليس تبريرا لواقع , العلم رسالة تنوير والتنوير لا يكون الا بمشعل نور قوامه عقل يحسن التفكير وتقوى من الله تمنع التبرير ..

 من ادب العلم والعلماء ان ننصت للمخالف فان اجاد واحسن فقد استفدنا من علمه وان تجاوز و اساء فيكفيه الا يجد من ينصت له , المخالفة لا تعنى الزلل ابدا , هناك احتمال اخر يستحق ان نلتفت اليه وقد ينبهنا الى امر غاب عن الاذهان , وفى معظم الاحيان كنت استفيد من المخالف لانه وجه اهتمامنا لما غاب عنا من الحقيقة , المخالف الصادق باحث عن الحق فلماذا نضيق بمخالفته وننكر عليه مخالفته , تعالوا نفتح من جديد قلوبنا لكل الاخرين لكي ننصت اليهم بموضوعية وحياد فهم باحثون عن الحقيقة والباحث عن الحقيقة يجب ان يحترم ولو كان مخالفا لما نحن عليه ..

( الزيارات : 538 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *