قصة الحياة كما هي في الذاكرة
…………………………………
عندما اتأمل في سجل حياتي كما هو في الذاكرة التي تحتفظ بكل شيء مما عشناه من قبل , اتوقف طويلا في بداية كل منعطف متأملا فيه واكاد الا اصدقه تلك الاحداث التى مرت بى وكادت ان تنسى ، وكانني لست من عشته ومن يعنيه الامر ، كنت غائبا عن نفسي بالرغم من قيامى به بارادتى المطلقة واختيارى , وكأنني لست المعني به ، احيانا كنت اشعر كانني محمول بغير ارادة منه ، أو اننى خارج الوعي بالذات ومسلوب الارادة ، عندما اتذكر كل ذلك اقول لنفسي هامسا ومتسائلا : هل هو انا من عشت ذلك ، واكاد الا اصدق نفسي ، كل من حولى كان يتساءل عن سر ذلك وكنت لا اعرف الجواب ولست قادرا على تفسير ذلك ، لا شيء مما كان كان خارج الاسباب الظاهرة والمدركة , ولا شيء كان بالاسباب ، منذ تلك الطفولة الاولى في صحبة السيد النبهان طيب الله ثراه في مدينة حلب كانت البداية فى تلك الرواية ، كنت قريبا جدا منه , وفي كل صباح يوقظنى بنفسه لكي اصلى معه صلاة الليل , ثم الفجر , ثم قراءة القران الكريم الى طلوع الشمس واذهب بعدها الى المدرسة , وكنت اصحبه في كل نشاطاته اليومية واحضر كل مجالسه التربوية وتوجيهاته الايمانية والروحية ، كان ذلك هو المجتمع الاول بالنسبة لى الذى ما زلت احن اليه , وكنت سعيدا به ، وقبل ان ابلغ سن العشرين من العمر بعد فترة طويلة من التململ الداخلى بدأت الرحلة التي لم تتوقف حتى الان ، لم اخطط لها ابدا ، وكنت اظن انها قصيرة وعابرة واستمرت طويلا ، ما اكثر المتعطفات التي صادفتني في الطريق ، كنت محمولا ، هكذا كنت اشعر اواتوهم ، كانت الطرق معبدة وميسرة امامى وفى كل منعطف كنت اجد من ينتظرنى لكي يمسك بيدى ويقودنى بارادتى واختيارى , ، اعترف انني لم اعمل لذلك ولم اخطط له , ولكنه كان يوافق ما اسعى اليه ، كنت اجد نفسي مدفوعا الي ما ينتظرنى بغير تكلف , ماكنت اريده كان يتحقق لى بيسر ، عندما اتأمل اليوم فيما كان اكتشف ان الله تعالى يختار لنا ويزين لنا ما يختاروييسره لنا ، ويحمل عنا الاعباء والاثقال ، واستعيد ما كنت اسمعه في تلك الطفولة من السيد النبهان ان ما يختاره الله لك يحمله عنك وان المستقبل بيد الله وهو الذى يتولاه ، وتكون بفضل الرعاية محمولا ومرعيا , والله يتولاك ويحمل عنك الاعباء ، وكنت انتقل من محطة الى اخرى بيسر وبلا جهد ، وكانني اسير في طريق واحد لا منعطفات فيه ولا عقبات ، ووجدت نفسي بغير ارادة مني في الضفة الاخري البعيدة التى لم تخطر ببالى ، لم افكر يوما بذلك ، ولم يكن ذلك فى خاطرى , وكانني امام رواية مثيرة اكتبها يوما بعد يوم ، واغرب ما فيها يكون تلك الضفة هي الفصل الاخير الذي تبتدئ به خقبة جديدة ليست كالحقب السابقة ، انها رواية مكتملة الفصول وكنت بطلها الحاضر فى البدايات والغائب فى النهايات ، ولم تنته القصة بعد ، ما زلت اذكر تلك الايام الاخيرة في الكويت التي كانت المحطة الاخيرة , وكنت اعد نفسي لذلك الانتقال الى المغرب البعيد ، كم كنت مترددا وقلقا وكانت الابواب تفتح امامى بغير جهد ، وكنت اظن انها ستكون فترة قصيرة سرعان ما تنتهي واعود ، كان هناك صوت خفي يناديني من الاعماق : الرحيل الرحيل، لم اكن قادرا على الصمود امام ذلك الصوت الخفي الذي كان يناديني ، كنت استيقظ ليلا لكي اسمع ذلك النداء الملح , ادركت يومها الا خيار لى الا الرحيل ، امضيت فترة طويلة من التردد والحيرة ، رحلة الى المجهول حيث لا صديق ولا قريب ، في مجتمع جديد تشتد العواصف فيه ، كنت وحيدا غريبا فيه ، واكتشفت فيما بعد ان العواصف فيه اشد مما توقعت ، كدت اضعف احيانا واستسلم ثم اعود كما كنت , لم اكن انا فى تلك الحقبة ، ورأيت من يمسك بيدي بقوة فى كل موقف، وشعرت بطاقة ايمانية وروحية لم اعهد بمثلها من قبل ، لم اكن هكذا ، لم اشعر بضعف ابدا ، كنت اشعر انني على حق وانتابنى شعور ايمانى خفى ، وقلت لنفسي : يجب ان اصمد مهما كان الثمن ، لم اكن ابدا احب ك ذلك ، لم اكن احب المغالبات ولا تلك المنازعات ولا التحديات ، لا ادري لماذا قبلت التحدي في ذلك اليوم ، لقد هيأ الله لى النصير وسخر لى الصديق ، لم اشعربتلك الوحدة ، عندما يتملكنا الشعور بالايمان لا نشعر يالخوف ابدا ، في تلك الحقبة اكتشفت ذاتي ، وتعلمت من الحياة ما احتاج اليه ، كنت بحاجة لتلك العاصفة القوية التي اسقطت كل الاوراق الصفراء والاغصان اليابسة ، انها اليداية لرواية جديدة لم تكتمل بعد ، هذه هي الحياة في احداثها المتجددة , وهذه هي روايتها التي تحتفظ بها الذاكرة ، نحن نكتب والاجيال المقبلة سوف تقرأ وتفهم ، لسنا نحن من يضع النهايات ، الله تعالى هو الذي يختار ما يشاء بحكمته………………………………………………………..
………………………….
ا
أعلى النموذج
- الفقه الاسلامى ..مفهوم ودلالة >>>>>>>>>
- >>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>
- …………………….
اترك تعليقاً