أيها القضاة

العدل

 أيها القضاة 

أنتم رموز الحق في مجتمعكم، تدافعون عن المظلومين، وتعيدون الحقوق لأصحابها، وتواجهون رموز العدوان في مجتمعكم، وقد تتعرضون للتهديد، وقد يُساء إليكم، وقد يلجأ البعض لشراء ضمائركم لكي تحكموا له بالباطل، فلا تضعفوا ولا تخافوا ولا تستسلموا، وكونوا أوفياء لقَسَمِكم، في دفاعكم عن الحق وإيمانكم بمبدأ العدالة..

وإياكم أن تتحالفوا مع الأقوياء ضد الضعفاء، ومع الظالمين ضد المظلومين، ومع الحكام ضد المحكومين، فالحق أحق أن يُتّبع، والقَضاء يجب أن يحكم بالحق والعدل، لكي يثق الناس بالقضاء، ومن حقكم أن تجتهدوا فيما التبس أمره عليكم، ومن حقكم أن تخطئوا في بحثكم عن العدالة، ولكن ليس من حقكم أن تحكموا بحكم وضميركم يؤنبكم لأنكم ظلمتم وحكمتم بغير الحق، إرضاءً لصاحب نفوذ أو طمعاً في منفعة مرجوة أو خضوعاً لضغوطٍ سُلطت عليكم، ولا عُذر لكم في ذلك، وسوف يُحاسبكم الله عما فعلتم، والله أعلم بما في قلوبكم، وإياكم أن تظلموا بريئاً وأنتم تعلمون براءته، وإياكم أن تحكموا لظالم بحق ليس له، ولا توبة للظلم والظالمين، ولئن تُخطئوا في العفو خير من أن تُخطئوا في العقوبة، وإذا التبس عليكم الأمر فخذوا بالأحوط لئلا تظلموا بريئاً أو تحكموا لظالم بحق لا يستحقه، ولا تسمحوا لصاحب نفوذ أن يتدخل في أحكامكم، فأنتم مسؤولون أمام الله والمجتمع عما تقضون به، ولا تكونوا مطية لظالم لكي يمارس ظلمه باسم الحق والقانون، ولا تحكموا وأنتم غاضبون، لئلا يدفعكم الغضب إلى حكم ظالم، وإذا خفتم ألا تعدلوا لوجود ضغوط قاسية عليكم فلا تحكموا ولا تقضوا، وليكن انسحابكم من القضية موقفاً معبراً عن رفضكم للظلم وإدانتكم للتدخل في شؤون القضاء، وإذا رأيتم قانوناً ظالماً فلا تحكموا به، وأعلنوا رفضكم لهذا القانون، وإياكم أن تكونوا أداة بيد السلطة لتبرير أفعال غير مشروعة باسم العدالة، ولا عدالة في ظلّ العدوان، ولا يُبرّر الظلم باسم القانون، فالقانون يُنظم الحقوق ولا يمنحها لأصحابها، فالحق قبل القانون، والحقوق ثابتة بالوجود الإنساني، ولا يمكن للقانون أن يسلب المواطن أي حق من حقوقه الإنسانية المرتبطة بالكرامة الإنسانية والحريات والحقوق الطبيعية..

 

وإذا ثبت الظلم في أي قانون وضعي فيجب عدم العمل به، لأنّ القانون لا يمكن أن يُقر ظلماً، ولا شرعية لأيِّ قانونٍ ظالم، والقاضي يحكم بالحق ويدافع عن العدالة، ولا شرعية لأي حكم قضائي إذا ثبت ظلمه، وإذا وقع الشك في نزاهة القضاء أو نزاهة القاضي فلا يُعتدُّ بقضائه، ونزاهة القضاء شرط للثقة به، ومن حكم بغير الحق من القضاة فتجب معاقبته، ويجب أن يتحمل المسؤولية الكاملة عن كامل الأضرار التي لحقت بالطرف المظلوم.

 

( الزيارات : 2٬905 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *