أخلاقية التغالب

الحياة الإنسانية في المغالبات على السلطة والمال والنفوذ والشهرة والمنزلة الإجتماعية مثل مباراة كرة القدم يتصارع الفريقان على تحقيق النصر..كل اللاعبين يلاحق الكرة بإقدامه لكي يدخلها إلى الشبكة..كل المشاهدين يتابع المباراة بانفعال وشغف ..الكل يصفق للمنتصر في النهاية..إذا انتهت المباراة عادت الكرة إلى مخدعها وانتهت مهمة اللاعبين ..وانفضًّت الجموع بين منتصر ومنهزم ..الكرة هي الهدف..ألا يحق لنا أن نتصارع فيما بيننا على ما هو أسمى وأبقى عند الله والناس..ألا نتنافس على عمل الخير والعمل الصالح..ما نتنافس عليه هو وهم وسرعان ما تنفض الجموع ويفرغ الملعب من المصفقين..وينسى الناس ما كانوا له مصفقين وفرحين..

لماذا لا نتعلم من الرياضة أخلاقية التغالب بين الإنسان وأخيه الإنسان في الرياضة والتجارة والسياسة والمنافسات بين الناس في كل أمور حياتهم اليومية..؟!

لماذا لا يرفع الحكم بطاقته الحمراء عندما يقع التجاوز على أحد اللاعبين أو يخرج المعتدي من الملعب إن ضرب خصمه أو أساء اليه..؟!

الجمهور يصفق لمن يلعب أفضل من غير أخطاء وتجاوزات واعتداء على الآخرين..
نريد السياسة لخدمة المجتمع والنهوض بأمره ..ولا نريدها سياسة التغالب على المناصب والتسابق على الغنائم..لا نريد رموز الفساد في السلطة أبدا ..نريد الحكم الحكيم الحازم الذي يقف مع قانون اللعبة وأخلاقية اللاعبين لكي يفوز الأكثر كفاءة والأجدر بكأس النصر.. نريد الجمهور الذي يصفق للفريق الأفضل الذي لا يعتدي ولا يتجاوز ولا يتخطى القانون والذي يحترم مشاعر اللاعبين..الجمهور هو من يملك الملعب ولأجله كانت السياسة .. من أخلّ بقانون اللعب يجب أن يخرج من الملعب.. لا أحد يمكنه أن يغتصب الكرة أو يستعمل العنف ضد الجمهور إن لم يصفق له..الحكم لأجل خدمة الناس والقيام بأمورهم..
الغاية من الرياضة امتاع الجمهور وليس إذلاله.. الجمهور هو الذي يشجع ويصفق لمن يقنعه بأهليته للفوز ..
أيتها الشعوب ارفعوا البطاقة الحمراء ضد كل من يسيء إليكم أو يغتصب إرادتكم أو لايحترم مشاعركم..ارفعوا البطاقة الحمراء ضد كل أنظمة الاستبداد والطغيان حيث كانوا فلا سلطان للإنسان على الإنسان إلا بحق معترف له به ..
العبوا أيها السياسيون بأخلاقية وتغالبوا بإنسانية ..فالشعب يراقبكم ولن يصفق إلا للفريق الذي يحترم قوانين اللعب ويثبت جدارته ويحظى بثقة الجمهور الذي يراقب كل شيء من بعيد ..

أيها السياسيون إن لم تلعبوا جيداً بأخلاقية وكفاءة والتزام فلن تجدوا في الملاعب من يحضر مبارياتكم , ولن تجدوا في المجالس من يصفق لكم..فالشعوب الواعية تحسن اختيار من يمثل إرادتها ويحترم قوانينها واختياراتها ..
أيها الجمهور إياك أن تصفق لأي فريق لا يحترم إرادتك أو يسيء إليك بتجاوزاته واستهتاره .. وكن الحكم القوي الذي يرقب كل شيء ويمسك بيده البطاقة الحمراء التي يخيف بها اللاعبين المتجاوزين والمعتدين..اجعلوا ملاعبنا نظيفة راقية ممتعة ..واختاروا حكماً عادلاً وحازماً وأميناً لكي يقضي بينكم فيما اختلفتم فيه..

( الزيارات : 1٬297 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *