كلمة اليوم
كل الناس يملكون عقولا توفر لهم أسباب وجودهم وتحميهم من الأخطار التى تهدد ذلك الوجود ، والناس ليسوا سواء فى مدى قدراتهم العقلية ويتفاضلون بمقدار رقي تلك العقول ، ولا شيء يتم بغير ارادة الانسان واختياره ..
والعقول أقسام ثلاثة :
الاول :العقل الغريزى وهو العقل الذى يملكه جميع الناس سواء كانوا صغارا او كبارا ، ويمكنهم من التوصل الى قرارات غريزية لحمايتهم والمطالبة بأسباب وجودهم ، فالطفل الصغير يغضب عندما يجوع ويبكى عندما لا تلبى له طلباته ، وهو يعرف جيدا طريقه الذى يوصله الى غايته ..
الثاني :العقل التأملي الاكتسابى الذى يتعلمه من التجربة والثقافة وكلما زادت معرفته بالحياة كان اقدر على التمييز الى ان تنمو لديه قدراته العقلية المكتسبة من الحياة ، ولا حدود لقدرات العقول اذا استفادت من الحياة وتعلمت منها ، تأمل الطفل الصغير وهو يكتسب الجديد من الخبرات الى ان يتمكن من التمييز ثم يبلغ سن التكليف الشرعي بالبلوغ وسن الرشد الذى يمكنه من كمال الأهلية للتصرف العاقل والقرار السديد ..
هناك أشخاص يكبرون ولا تكبر عقولهم ويتصرفون بطريقة خاطئة فى المواقف ولا يحسنون القرار والاختيار ، واختلف الفقهاء فى كيفية التعامل مع هؤلاء لحماية مصالحهم من قراراتهم الخاطئة ،ولا تسلم لهؤلاء أموالهم الا اذا آنستم منهم الرشد ،
وتفرض الولاية والوصاية على هؤلاء الذين لا يحسنون التصرف فى انفسهم وأموالهم ..
وغاية التعليم والتكوين والتربية هو تمكين الانسان من استخدام قدراته العقلية بطريقة تحقق له مصالحه المرجوة فى المعاملات والحقوق ..
الثالث :العقل النوراني الذى يرتقى بصاحبه الى مستوى الكمال الأخلاقى وينتقل من العدل الى الإحسان وهو التفضل على الآخر بسلوك أكثر رقيا من معايير العدالة ، فيكون أكثر تسامحا مع الغير واكثر رحمة بالآخرين واكثر تفهما لقضايا المستضعفين واكثر تعاطفا معهم ،ويمسك نفسه عند الغضب ويعفو عمن أساء اليه ولا يحقد ولا يحسد ولا يتجاوز وان تمكن من ذلك ،ولا يفعل ما يخالف الكمال ويخجل ان يفعل سلوك النقصان ولو مع عدوه ..
هؤلاء اقرب الى الله لأن عقولهم النورانية قادتهم الى ما يحبه الله منهم ، وشرحت صدورهم للخير الذى يعم نفعه الجميع ، هذا هو الدين الذى دعانا الله اليه وهذا هو الإسلام الحق ولا يهتدى الى هذا الطريق الا من هداه الله اليه وشرح صدره لما يحبه الله له..