ادب الدعوة.. ورسالة الدعوة

الدعوة رسالة وليست وظيفة ، وصاحب الرسالة يحرص على إيصال رسالته ، ويتحمل كلّ المشاق والصعوبات في سبيل إيصال مضمون رسالته ، وأهمّ ما يشترط في الداعية الإخلاص والصدق والإيمان بالرسالة التي يقوم بها ، فالقلوب لا تنشرح بسماع الكلّمات المنمقة والفصيحة فقط ، وإنّما تنشرح للكلّمة المخلصة والصادقة, وإذا لم تنشرح القلوب لما تسمع فلا فائدة لما يقوله الفصحاء والبلغاء والذين يتبارون في جودة العبارة ، وأهمّ نصيحةٍ للدعاة أنَّ المستمع إذا لم يعطك قلبه فلا يمكن أن ينصت إليك وإذا أنصت إليك فلا يمكن أن يتأثر بما تقول ، فلا تتعب نفسك في بذل جهدٍ لا يفيد ، والإخلاص شرطٍ في الدعوة وشرطٌ في قبولها وهو أن تعمل لله تعالى لا لأجل غاية ترجوها أو مجد تبحث عنه أو شهرة تسعى إليها ، فهذا حجاب الدعاة عن الله تعالى ,ومن عمل لله تعالى مخلصاً فيما يقول صادقاً في عبارته مؤمناً بها فتح الله القلوب للكلمة الصادقة الناصحة ، فقد تصدر كلّمة مخلصة من صادق وقد تكون كلمة بسيطة وعباراتها غير فصيحة ومع ذلك تصل هذه الكلمة إلى سامعها وتحدث الأثر المطلوب منها انشراحاً وقبولاً ، وقد تصدر كلمة خالية من الإخلاص فلا تصل إلى سامعها ولو كانت من أجمل الكلمات في أسلوبها وجودة عباراتها ,ولا بدّ من وجود الاستعداد لدى السامع لسماع هذه الكلمة ، فالقلوب المقفلة قلما تصل إليها الكلمة الطيبة, ولا بدّ من توفر شرطين: فتوحات العبارة وفتوحات القبول للكلمة الناصحة..

ففتوحات العبارة هي أن يفتح الله على المتكلم فيقول أحسن الكلام, وهناك فتوحات القبول ويختص هذا بالسامع ,فمن لم يرزقه الله فتوحات القبول فلا يصله الكلام ولا ينشرح له وقد يضيق صدره بما يسمع, وهؤلاء محجوبون عن الله ومحرومون ولا فائدة من هؤلاء ولا أمل في قبولهم لما يسمعون ، فالقلوب الطاهرة والصافية تستوعب ما يرد عليها وتتأثر به وقد تكون غافلة إلا أن الكلّمة الصادقة توقظها ثم تنبت هذه الكلمة في الأرض الخصبة نباتاً وأزهاراً وثماراً, والأرض القاحلة قلما تنبت وتزهر وتثمر, ومن واجب الدّاعية أن يخاطب الناس بما يحبون سماعه وأن يختار الكلّمة الطيبة الهادئة العاقلة وأن يخاطب القلوب بما يخفف من قسوتها وأن يسقي الفطرة النقية الصافية بالكلمة الطيبة, وأن يحيي القلوب بالأمل ومحبة الله تعالى, وألا يصدمهم بمشاعر التهديد والوعيد والعقاب ,وأن يحببهم بالخير والعمل الصالح ويدعوهم إلى الأدب واحترام الآخرين وأن يذكّرهم بنعم الله عليهم, وأن يفتح باب الأمل أمام المذنبين والعاصين وأن يأخذ بيدهم وأن يعيدهم بالكلمة الطيبة إلى طريق الاستقامة..

( الزيارات : 1٬440 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *