الاخلاق بين الدين والعقل.

كلمات مضيئة..اخلاقنا بين الدين والعقل ..

 لم اجد فيما تاملت فيه ذلك التناقض بين الدين والعقل , كنت اجد تلازما وتكاملا , فلما يحرص رموز التنويرعلى تأكيد ذلك التناقض , فاما الدين واما العقل , العقل ليس بديلا عن الدين ولا يمكنه ان يقوم بهذه المهمة , من اليسير على الفطرة ان تدرك اهمية الدين وان الله هو خالق الكون , وان الوحي هو المنهج الربانى للتواصل بين الله والانسان , ليس مهما ان نخوض اكثر فى قضايا الغيب مما لاتدركه العقول فالله تعالى قد تكفل ببيان ذلك والانسان بما يملكه من قدرات متعددة ومتداخلة يدرك ذلك ويؤمن به , ولولاذلك الايمان الفطرى لما استجابت النفوس لفكرة الايمان , وهنا يبتدئ دور العقل ان يبحث فيما يراه الافضل له , العقل هو المخاطب,  اما المكلف فهو الانسان , الانسان هو مجموع ما يملكه من قدرات , الفطرة والعقل والنفس والغرائز والميول والاستعدادات , الانسان يجب ان يفكر لكي يختار ما يريد فعله , الانسان ليس كامل الارادة لكي يختار الافضل انه متاثر بما هو فيه  , العقل متعدد ولكل عقل خصوصيته الناتجة عن واقعه وتجاربه وميوله وذكرياته , لا احد يحاسب العقل عما ترجح له انه الحق , هو مخاطب بالوحي وهو المفسر لذلك الخطاب , كل ما يتعلق بحياة المكلف فهو من اختصاصه وهو الذي يختار , هناك اصول وثوابت مستمدة من الوحي , مهمة العقل ان يبحث عن مراد الله , لا وصاية على الانسان فيما ترجح له انه الحق , هذا هو دور العقل , ما يريده الله من عباده لا يمكن ان يكون سرا خافيا , فلا خفاء في مراد الله , هناك ضوابط للفهم , لا تجاهل لدور العقل , العقل هو الانسان بكل ما فيه , هناك مقاصد للدين وهي مدركة للمكلف , وهي المقاصد الشرعية الخمسة حفظ الحياة وحفظ الاموال والاعراض , الفقه هو الفهم بل هو حسن الفهم , مراد الله يفهم من مجموع  الخطاب الالهي للانسان , العقل هو اداة الفهم معتمدا فى ذلك على ادوات الفهم , لا احد من الخلق يملك مالا يملكه غيره عند الله الا بعمله الصالح,  وهذا هو معنى العدالة , اذا لم تكن العدالة فهو الجور , والعدالة مطلوبة , لكل عصر مفاهيمه للعدالة بما يحقق العدالة , الكرامة الانسانية حق اكرم الله به الانسان , فلا فرق بين انسان واخر فى حق الكرامة وكل الاسباب التى تحقق الكرامة , ميثاق حقوق الانسان نجد اصوله فى المبادئ الدينية , مهمة الدين ان ينمى الاستعداد للخير فى المجتمع , جاءت الاديان لكي تدعو للخير وتنهى عن الشر وتعتبره محرما , كل المظالم الانسانية التى بجهد العقول وبتخطيط العقلاء محرمة فى نظر الدين , ومنها الحروب العدوانية وانتاج السلاح والاتجار به وتجاهل حقوق المستضعفين واستغلالهم عن طريق الاحتكارات التى تضاعف معاناة المستضعفين , كيف يمكننا ان نعتبر العقل هو المرجعية المطلقة بدلا من الدين وهو الذى يخطط وينفذ لكل ما يعانيه مجتمع اليوم من ازمات متلاحقة , المظالم ليست هي ثمرة للدين وانما هي ثمرة لسياسات المصالح التى تتنافى مع احلاقية الدين , حكماء السياسة العالمية هم عقلاء بمعايير العقول ولكنهم ليسوا اخلاقيين ولو كانوا اخلاقيين لما ظلموا , كل المظالم فى تاريخ الامم لم يكن سببها الدين , وانما سببها ضعف الدين فى النفوس واستغلال الدين لغير مهمة الدين وهذا كثير ,  ولو استقاموا لعدلوا وما ظلموا , الانسان مخاطب ومكلف ومؤتمن ومن كان كذلك لا يمكنه ان يظلم ولا ان يعتدى , اخلاقنا هى نتاج واقعنا نتعايش مع الظلم ولانرفضه اما الاخلاق التى مصدرها الدين فلا يمكنها ان تبرر الظلم او تقبله او تتعايش معه , رسالة الدين ان تجعل الانسان محبا للخير ساعيا اليه , مهمة الدين ان يدعو الانسان لكي يسيطر على ما يملكه من القوى الغريزية واهمها القوةالتى يطلب بها ما يحتاجه من اسباب حياته وهي القوة الشهوانية  , وهناك قوة اخرى يدفع بها الاخطار التى تهدده وهي قوة الغضب , وهي القوى التى يجب ان يستعملها الانسان باعتدال فلا يتجاوز الاعتدال بزيادة او نقصان , والعقل متأثر بهاتين القوتين الغريزيتين , اليس الطمع هو وليد تلك القوة الشهوانية التى تدفع العقل لكي يستولى على ما يملكه غيره , اليس الحقد هو قرار عقلى وهو ثمرة لطغيان القوة الغضبية على العقل فيحقد وينتقم ويعتدى على من هو  اضعف منه , العقل اداة يستخدم فى الخير اذا كان متأثرا باخلاقية الدين وملتزما بما امره الله به , ويمكن للعقل ان يكون اداة للشر , اذا لم يسهم الدين فى تنمية ارادة الخير فمن الصعب ان يسهم العقل فى ذلك مع العلم ان النفوس تستلز ماتهواه من الاستحواز على الاموال بكل وسيلة كما تستلز الانتقام والعدوان طلبا للتغلب ومجد الانتصار , نحتاج الى مرجعية للاخلاق لكي تكون اخلاقنا اقل انانية وعدوانية واكثر رحمة وانسانية .

( الزيارات : 1٬119 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *