الازمات موقظات.

   كلمات مضيئة..الازمات موقظة

الازما ت  موقظة ولو كانت تكلفتها عالية وثقيلة , لا احد يريد تلك الازمات ولا يتمناها , فالازمة هي الازمة بكل اثقالها النفسية والمادية , المعاناة قاسية والاحزان مؤلمة , ولكن تعالوا نفكر فى تلك الازمات او نستفيد منها ونتعلم دروسها , ما بعد الازمة ليس كما كان قبلها , آثار الازمة قد تمتد طويلا , هناك اشياء سوف تتغير , بعض السلبيات التى كنا نقبلها او نتعايش معها لن تكون مقبولة , الازمات تصنع ثقافة جديدة , , هناك سلبيات يجب التغلب عليها وتجاوزها , قد تكون مرحلة التحول شاقة وطويلة,  وقد تمتد لعقود وقرون ولكن لا بد من التغيير , الظواهر السليبة لن تكون كما كانت ولن تجد من يحميها , من طبيعة الجهل انه يحمى التخلف ويرسخه الا ان الازمات تجعل التغيير امرا مطلوبا مهما كان ثمنه , الغفلة ليست خيارا ولكنها قد تطول وتستكين الشعوب الى الراحة خوفا من اقتحام المجهول , عندما يكون الثمن باهظا وثقيلا فلا شيء يخيف الشعوب بعد قسوة المعاناة , هناك خيارات لا بد منها وقناعات اصبحت اكثر رسوخا , الشعوب تتعلم من الازمات كما يتعلم الافراد , هناك خيار وحيد هو الاصلاح وان تكون الاختيارات سليمة لاتردد فيها ولا مساومة عليها , البناء الجديد لا بد الا ان يكون اقوى مما كان وان تكون اركانه صلبة , هناك امور هي اركان اساسية ولا بد من اعادة تكوينها , لا نريد اعادة ترميم الواقع الذى كان , اخطاء الماضى لا يمكن ان تتكرر , اول ركن واهم منطلق هو اعادة بناء الانسان عقيدة وثقافة واخلاقا وتربية وتأهيلا لكي يكون هو المؤتمن على مستقبله , ثقافة الماضى ليست هي الثقافة التى يمكنها ان تنهض بنا , يجب ان يكون فهمنا لرسالة الدين اقرب لحقيقة الدين ولما يريده الله من عباده , رسالة الدين ايمان واخلاق ورحمة واستقامة واحترام للانسان ورقي به الى الافضل لكي يكون مؤتمنا على الحياة , ثقافة العصور تعبر عن مجتمعاتها التاريخية كما كانت وليست هي ثقافة الاسلام كما كانت فى عصر النبوة , عندما نرجع لمصادر الاسلام كما جاءت فى القرآن والسنة نجد قيما اصيلة ونظاما اكثر عدلا وثقافة اكثر رحمة واحتراما للانسان , تركنا الاصول وانشغلنا بالفروع , واصبحت حواراتنا خارج المتون , كان الدين رسالة انسانية فاصبح مطية للتنافس والتغالب وكل فريق يرفع شعارالدين ويريد به الدنيا والحكم والمال والجاه الاجتماعى , تغالبنا باسم الدين ونحن ابعد الناس عن الدين ونفعل كل ماحرمه الدين باسم الدين , ليس هذا هو الدين ابدا , لم يعد الدين كما كان رسالة ايمان وهداية واستقامة وكرامة , ابتعد العقلاء والحكماء وتقدم السفهاء والجهلاء فاساؤوا الى الدين باسم الدين , ما اقسى ماكان يشعر به المواطن من خيبة مماكان يراه امامه من تجاوزات ومظالم وعدوان وانتهاك لا بسط تعاليم الدين , لا بد من الارتقاء بمستوى المؤسسات التربوية لكي تعيد تكوين المواطن لكي يكون اكثر فهما لمعنى الدين كرسالة الهية تخاطب الانسان وتشعره بالمسؤولية لكي يحمل الامانة فى حماية الحياة والانسان , لقد تميز الانسان عن غيره من المخلوقات بالعقل وهو اداة التكليف والتمييز لكي يختار الخير على الشر والحق على الباطل وان يتحكم فى قراراته واختياراه فلا تغلبه  اهواؤه ولا تتحكم فيه غرائزه , ويكون بفضل عقله اكثر رشدا , هذا العقل يكبر بالاستزادة من العلم والتجربة الانسانية وينتقل من النقصان الى درجة الكمال وهو كمال نسبي يتفاوت بحسب كل انسان وهو تطلع الى الافضل , لا يمكن لاحد ان يدعي الكمال , الكل باحث عن ذلك الكمال كما يراه وكما يترجح له انه الكمال , الثقة بالعقل والعلم هما الركن الاهم فى ثقافة المواطن وفى منهج التكوين , المواطن الذى يحترم نفسه لا يفعل ما يخجل منه من افعال النقصان , فى مجتمع يفخر اهله بالكمال لا يمكن لاحد ان يفعل ما يخجل منه , فى مجتمع لا يخجل المواطن فيه من  الظلم والغدر والنفاق والقتل والعدوان  لا يمكن ان يكون مجتمعا اسلاميا , المجتمع الاكثر وعيا يسقط كل الرموز الذى تسيء الى الدين باسم الدين او تجعل الدين مطية والدعوة الى الدين مهنة , لا يمكن لرموز الطغيان والفساد واعداء الانسان ان يرفعوا شعار الدين او يستظلوا بظله , عندما يكون الانسان اكثر فهما وثقافة واستقامة يختار النظام الاجتماعى والسياسي والاقتصادى الذى يعبر به عن رقيه وحكمته وحسن اختياره .ز

 هذه هي الثمرة المرجوة من المحن والازمات ان تكون موقظة لمجتمعها تجعله يحسن اختيار ما ينهض به الى الافضل الذى يجعل الانسان اكثر استعدادا لفهم التكليف الالهي للخلافة على الارض وتحقيق السلام فيها بين مختلف الشعوب ..

( الزيارات : 1٬008 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *