الاستاذ محمد بوستة

17-    الاستاذ…   محمد بو سته

شخصية وطنية ذات ماضٍ مشرّف في الكفاح الوطني , وهو خليفة الأستاذ علال الفاسي فى  زعامة الحزب وأحد رفاقه في حزب الاستقلال , تولى الأمانة العامة لحزب الاستقلال بعد وفاة الأستاذ علال واستمر في هذه المهمة إلى أن خلفه الأستاذ عباس الفاسي صهر الأستاذ علال  ..  

وكان خلال قيامه بمهمة الأمانة العامة لحزب الاستقلال الشخصية الوطنية الأولى التي تحظى بالاحترام من كافة الشخصيات الوطنية , وفي الوقت ذاته فقد كان موطن تقدير الملك الحسن الثاني بالرغم من أن حزب الاستقلال كان حزباً معارضاً للحكومات المتعاقبة لمدة تزيد عن خمسة عشر عاماً ..

يتميز حزب الاستقلال بأنه حزب يملك رصيداً كبيراً من التاريخ الوطني , وبفضل نضال هذا الحزب تحرر المغرب واستعاد حريته وكرامته , وبفضل مواقف هذا الحزب الوطني رجع الملك محمد الخامس إلى عرشه حاملاً راية الاستقلال , وبالرغم من الانشقاق الكبير الذي وقع في الحزب فقد استمر الحزب في كفاحه الوطني , ويضم هذا الحزب شخصيات مرموقة وتنتمي لأسر عريقة وذات التزام أخلاقي وهي ذات مكانة اجتماعية , ومعظمها أسر محافظة ومعتزة بقيمها الدينية واستقامتها , وبخاصة في المدن العريقة فاس ومراكش و تطوان ومكناس والرباط ومنطقة سوس ..

عرفت الأستاذ محمد بو سته منذ السنة الأولى التي جئت فيها للمغرب في إطار مهمتي في دار الحديث , وذلك بعد إلقاء درس عن الثقافة الإسلامية في إطار الدروس الحسنية وعلَّق الملك على هذا الدرس , مشجعاً حرية الرأي ومؤكدا شرعية الخلاف في المفاهيم والتفاسير , وعلقت جريدة العلم على هذا الدرس مشجعة حرية الرأي فى الامو ر المعاصرة, ولما التقيت الأستاذ محمد بو سته هنأني على الدرس وأثنى عليه , وبعد ذلك بدأت علاقة صداقة ومودة بيني وبينه , وأعجبت بشخصية الأستاذ محمد بوسته وخصالـه الرفيعة ومواقفه الوطنية الشجاعة وكان ملتزما بثوابت وطنية فى الحكم والاصلاح ويتمتع بحكمة وبصيرة , ولما شارك حزب الاستقلال في الحكم عام 1977 بثمانية مقاعد وزارية تولى الأستاذ محمد بوسته وزارة الدولة للشؤون الخارجية , وكنت أحضر المناسبات الوطنية التي كان حزب الاستقلال يدعوني إليها , لأنني كنت معجباً بتاريخ هذا الحزب الوطني وبأخلاقية زعمائه ..

وتوطدت صلتي بالأستاذ محمد بو سته فيما بعد,و كنت أزوره في المناسبات , ويدعوني في كل رمضان للإفطار في داره مع قادة الحزب كما أدعوه إلى داري فيستجيب للدعوة مهما كانت ارتباطاته , وكان يخصني بالمودة والتكريم, وكنت أقدر فضلـه ونبلـه , فقد كان رجلاً معتزاً بعقيدته وثقاقته الاسلامية ، وهذه ظاهرة رأيتها في معظم قيادات حزب الاستقلال , وكانوا يعتزون بثقافتهم المغربية الإسلامية ويؤمنون بانتماء المغرب لمحيطه العربي والإسلامي , وهم مع المشرق العربي في قضاياه وهمومه , وهم مع التعريب وضد التبعية للثقافة الفرنسية , ويتميزون بإيمانهم بالنظام الملكي ويحترمون المؤسسة الملكية ويصرحون بهذه القناعة , إلا أنهم يتمسكون بالملكية الدستورية وباحترام المؤسسات الدستورية , ويطالبون بإصلاح الإدارة والقضاء على المحسوبية  والفساد , وهم يرفعون شعار التعادلية الاجتماعية كبديل عن شعار الاشتراكية .

ودعاني الأستاذ محمد بوسته لإلقاء محاضرة في أحد مقرات الحزب عن حقوق المرأة بحضور جمعيات نسائية تابعة لحزب الاستقلال ,وحضرت بعض نشاطات الحزب ومؤتمراته العامة كما ألقيت محاضرة في مقرّ الحزب عن الأستاذ علال الفاسي . ونشرت جريدة العلم الاستقلالية بعض ما كنت أكتبه من مقالات صحفية كما كانت تنشر أخبار النشاطات الثقافية لدار الحديث الحسنية .

وسعدتُ بمرافقة الأستاذ محمد بوسته في رحلة إلى دولة الإمارات العربية المتحدة بمناسبة العيد الوطني لها بدعوة من سمو الشيخ زايد وشارك في هذه الرحلة عدد من أعضاء الأكاديمية وبعض الشخصيات الأخرى ، واكتشفت خلال هذه الزيارة ما يتحلى به الأستاذ بوستة من خلق أصيل ونبل ودماثة ، وهو من الشخصيات التي أعتز بصداقتها ووفائها ، وقد سعدت عندما كلفه الملك محمد السادس برئاسة اللجنة الاستشارية لتعديل مدونة الأحوال الشخصية وهو خير من يقوم بهذه المهمة ، نظراً لسعة أفقه ، وتمييزه بين ما يمكن أن يكون وما لا يمكن أن يكون من مطالب الجمعيات النسائية,..

( الزيارات : 1٬268 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *