الاستثمار الاسلامى

 

 

كان الحكام في الماضي يحيطون أنفسهم بفقهاء في شؤون الدين ، يختارونهم بعناية لمجالسهم ، ويكرمونهم بالمال والسلطة والجاه ، ويستشيرونهم في القضايا التي تواجههم ، وهؤلاء يعرفون أنَّ السلطان يحتاج اليهم لاعطائه  فتوى فيما يريد ، من قتل عدوّ تمرد عليه ,ومحاربة فرقة ثارت على سلطته, واغتصاب أرض للغير ، وفرض ضرائب باهظة على شعبه ، ولا حدود لما يطلبه الحكام من الفقهاء والقضاة ، وكان بعض أهل التقى والورع يرفضون منصب القضاة ، لئلا يُجبرَون على قضاءٍ ظالمٍ يبُرِّر ظلم الأبرياء..

وفي السنوات الأخيرة ضاق الناس بالمعاملات البنكية الجائرة والاستغلال البشع لحاجات الناس وإقراضهم الأموال بفوائد عالية ورسومٍ مرتفعةٍ على كلّ الخدمات, وظهر أفرادٌ لا صلة لهم بالتجارة والاستثمار ولا علم لهم بأحكام الدين وفقه المعاملات, وتظاهروا بالورع والتقى والاستقامة ، ورفعوا شعار الاستثمار الحلال والمضاربة الشرعية والمشاركة في الأرباح ، وأقبل المدخرون من أهل الاستقامة ، ودفعوا كلّ ما يملكون لهؤلاء الذين تظاهروا بالتدين في مظاهرهم الخارجية ، وتبرّعوا للجمعيات الخيرية بالمال الكثير ، وأعطوا للمدخرين أرباحاًً عالية ، وبنوا إمبراطوريات مالية ضخمة واشتروا ذمم بعض الفقهاء والصحفيين ,وفجأة افتضح أمرهم وشاع فسادهم وضاعت أموال المدخرين من الفقراء والأرامل والعجزة الذين باعوا كلّ شيء ليضمنوا لأنفسهم دخلاً دائماً من الأرباح التي تحققها أموالهم ..

وتمادى الأذكياء من ذوي الضمائر الفاسدة والأطماع في أكل أموال الناس و استغلال خشية هؤلاء الناس من المال الحرام والربا والربح الظالم ، ومعظم هؤلاء الضعفاء من ذوي الثقافة المحدودة والخبرة السطحية ، ويغلب عليهم تصديق كلّ ما يسمعون والثقة بكلّ من ادعى الالتزام بأحكام الدين والدفاع عن مصالح المستضعفين ، ولا أحد من هؤلاء يحرص على الإسلام كحرصه على تحقيق الأرباح واستمالة المدخرين ,ومن المؤسف أنَّ المدخر الضعيف هو الضحية ، ويصدق كلّ من يعطيه الأمل في ربح جيد ومريح ، وفي البداية يأخذ أرباحه المشجعة ، ويشجعه هذا على توظيف كلّ ما يملكه ، وفجأة ينكشف الستار عن احتيال وتغرير ، ولا يملك الضحايا أي وسيلة لاسترداد حقوقهم, ويهرب المسؤول أو يُسجَن .. وماذا يستفيد الضحية من سجن المتهم إذا ضاعت أمواله ؟ .ومن واجب الدولةأن تحمي صغار المدخرين وأن تراقب كلّ هذه الشركات الوهمية التي تكبر بالوهم وادعاء النجاح ثم يفتضح أمرها..

 ويجب على العلماء ان ينبهوا لخطورة هذه الظاهرة ,والايسمحوا لهؤلاءالمحتالين باستغلال اسم الدين لاكل اموال المستضعفين ,والا يقبلوا من هؤلاءهدية اوتبرعا لاقناع العامة بأعمالهم الخيّرة..

( الزيارات : 1٬547 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *