الانفعال الناطق

كلمات مضيئة..الانفعال الناطق

كان من عادتي انني عندما انفعل اعبر عما في نفسي فيما اقوله او اكتبه  , والكتابة اكثر , الانفعال يولد الشوق الى التعبير , وأكون اكثر صدقا فيما اعبر عنه  ، اكتب أفضل وأتكلم افضل ، وافعل كل ذلك من غير تكلف او تردد ، ومن غير توقف واكاد استغرق فيما انا فيه ولا اريد ان اغدر مكانى قبل ان انجز ما انا فيه ، وذلك دفعني للتساؤل عن سر ذلك الانفعال في داخلنا الذى يدفعنا للقيام بامر ما ، عندما افقد ذلك الانفعال لا اجد رغبة في الكلام او في الكتابة ، وعندما أتكلم من غير انفعال أتكلف ذلك وكانني استخرج فكرة من اعماق بئر وتبدو ضعيفة مفككة غير مقنعة ،وغالبا امحوها لاننى لا اراها منسجة المعانى  وكذلك الامر فيما كنت اكتبه ، اذا خلا من الانفعال الداخلي كان مشوشا متهالكا ويظهر التكلف فيه ، وتتلاشئ الفكرة  فى الذهن  وتحاول ان تجد لها مكانا يبررها ويكثر في عباراتها  التناقض والتكرار والسطحية، ما اقسي ان نكتب بغير انفعال وبغير قناعة ، الكتابة لاجل التعبير عما في داخلنا من قناعات ، الانفعال يمنح الفكرة حيويتها ويجعلها حية معبرة عما في داخلنا ، ليس المهم ان تكون علي حق وصواب ، ولكن المهم ان تعبر عما يختلج  فى داخلنا كماهو ، الانسان ليس مكلفا ان ينظر بعين غيره ، عبر عما ترَاه وعما تشعر به ، وذلك هو سر الاختلاف بين الافكاروالاشخاص  ، لكل فرد خصوصيته التي تعبر عنه ، ما يراه هو ما ينسجم معه ، الاشباء ليست لها قيمة ذاتية وانما قيمتها ان تكون في الموطن الملا ئم لها في ذلك الجدار الواسع كلبنة فيه او كقطعة فسيفساء في لو حة الحياة الواسعة التي تعبر عن ذلك الانسجام العجيب بين الانسان والانسان , وذلك الانسجام الآخر بين الانسان والطبيعة بكل تجلياتها المعجزة التي تعبر عن عظمة الخلق وابداع الخالق ، اننا نري ذلك في الطبيعة ونراه اكثر في ذلك الانسان ذلك هو الإعجاز باسمى صوره ان تجد الجمال فيه من خلال ذلك التناسق العجيب بحيث يكون كل شيئ يعبر عن ذلك الكمال ، ولا يمكن لاي شيئ ان يكون حارج مكانه الطبيعي وكان يدا خفية تحرك كل شيئ وتضعه في المكان المناسب له ، ونجد مثل ذلك في كل شيء في الطبيعة والكون والانسان ، لا اجد شيئا خارج الاسباب المدركة ولا شيئ بالاسباب ، فالأسباب تخفي خلفها سر التدبير المحكم الذي اراده  الله تعالي ، كنت التمس العذر لكل مخالف فيما انفرد به من الافكار والطبائع والاستعدادات ، اليس ذلك مما يعبر عن عظمة ذلك الكون ، ويدفعنا للتأمل فيه ونكتشف فيه ذلك الاعجاز البديع , عندما نكتشف ذلك نتسع لكل الاخرين كما هم ونقبلهم كما نحن , انهم يعبرون عن ذلك الكمال فيما هم فيه , عندما نتجه الى مصدر النور فكل الطرق موصلة اليه , المسيرة واحدة ولا احد خارج المظلة الالهية , ماختص الله به فهو من امر الله وهو الاعلم به , فدعوه ولاتشغلوا انفسكم به , ويكفيكم ما انتم مكلفون به , تلك قضاياكم وانت مؤتمنون عليها فمن احسن منكم فله اجره ومن اساء فعليه مسؤولية ما اساء فيه ..

  • ليس من الضروري ان يكون الانفعال ظاهرا علي شكل غضب او سلوك او موقف متسرع ، احيانا يكون ثمن الانفعال مكلفا لصاحبه اذا لم يستطع التحكم فيه ، وبخاصة انفعالات الغضب التي تهدم كل شيئ ، اذا لم يمسك العقل بزمامها لكي يختار لها وسيلة التعبير العاقل ، من تحكم فيه غضبه ساء ت مواقفه وسلوكياته ، وهذا كثير ، والغضوب يبني الكثير ولكنه يهدم اكثر منه في لحظة الغضب ، الغضب طاقة اذا لم يمسك صاحبها بزمام نفسه اندفع بقوة نحو الامام وقد يصطدم بجدار صلب ويتهشم ويسقط أرضا ، الانفعال يعبر عن توتر داخلي ، والتوتر له اسبابه النفسية ومكوناته الجينية والضغوط الخارجية ، ومالم يخضع لضوابط العقل وموازينه فقد يكون مكلفا لصاحبه ، في لحظة الغفوة يكبر الوهم ويظن الانسان انه اكبر مما هو فيه ، وتختل موازين وعيه لذاته ، ويصطدم بالجدران المحيطة به وعندما يسقط يفيق ويكون كل شيئ قد انتهى ، قوتان في الانسان غريزيتان ان تحكمنا فيه ساء تقديره للأمور ، واقتحم المجهول ولو كان مظلما ، هما قوته الشهوانية التي تولد لديه الطمع الي درجة النهم ، والقوة الغضبية التي تدفعه للانتقام ممن يعتبره عدوا له ، وقلما يسلم اَي الانسان مما يفعله في احدي الحالتين ، قوانين النفس واحدة لمن احسن الفهم ويمكن توقع ما يمكنه ان يكون ، عندما لا يتعلم الانسان من تجربة من سبقه يدفع الثمن لامحالة لان الوهم يكبر لديه ، ويظن انه ليس كالآخرين ، وانه خارج القوانين الطبيعية ، وتلك هي نقطة الضعف فى الانسان عندما يكبر وهمه فى ذاته وهندئذ لا بد له من الدخول فى النفق المظلم الذى لا يستطيع الخروج منه ..
( الزيارات : 590 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *