التاريخ يعيد نفسه

التاريخ يعيد نفسه
ما اشبه اليوم بالبارحة..
قبل الف عام عاش الامام الغزالى فى بغداد اياما كهذه الايام وعاصر فتنا تشبه ما نعاصره اليوم من فتن وشبهات..ما اقسى ما كان الغزالى يقاسيه من علماء عصره من فقهاء احرقوا كتبه وفلاسفة ردوا عليه بحجج واهية , وباطنية احكمت سيطرتها على عوام الناس , واخذت تعبث بالمفاهيم والعقائد والاحكام..
ما اقسى محنة الامام الغزالى وهو يرد عليهم جميعا بحجج دامغة ويستدل عليهم بادلتهم الواهية , ويبين لهم بطلان ما ذهبوا اليه ..
كان اعرف بادلتهم منهم , ولما عرضها عليهم اكتشفوا انه اقدر منهم على فهمها , وبعدما فرغ من شرحها وبيانها اخذ يهدم هذا الصرح الواهي بمعاولهم هم وبحججهم التى اقاموا بنيانها ..
قال الامام الغزالي كلمته الرائعة فى بيان ضعف ادلة خصومه التى اقنعوا بها عوام الناس واغروهم بحلاوة جديدها :

ضعف المدافعين عن الحق وجهلهم بما يقول خصومهم من اهل الباطل جعل العامة يظنون ان اهل الحق على ضلال , وان اهل الضلال على حق , لا لقوة حججهم وتبوت ادلتهم , ولكن لضعف خصومهم عن نصرة الحق بالادلة الدامغة , فازدهرت ثقافة الشبهات وترسخت فى اذهان العامة الذين لم يجدوا من يناصر الحق , فاعتقدوا ان الحق ضعيف الادلة والباطل يعتمد على رجاحة الاستدلال وعمق الفهم …
ما اقسى ما عاناه الغزالى من جهل مجتمعه بما كان يقول ..ولما احاطت به المضايقات وامسكت به من كل جانب اعتقل لسانه عن الكلام وتوقف عن البيان , ولم يعد قادرا على الحديث مع من يختلف اليه من طلابه فى بغداد..

هذه هي محنة الفكر فى كل عصر وهذه هي طبائع الانسان وقوانين الحياة..فهل يتعلم انسان اليوم من التاريخ دروسا لكيلا يكرر التاريخ نفسه..

( الزيارات : 788 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *