التحرر من الطمع والحقد

كلمات مضيئة..التحرر من الطمع والحقد

كنت اتساءل عن سر ذلك التباعد بين مختلف المدارس العلمية , اذاكانت الغاية هي البحث عن الحق فلما ذا التنافس والتنازع والاختلاف , الا يجدر بالحق ان يكون جامعا لماتفرق , , من اليسير ان نفهم معنى كلمة العقل , فالعقل عند علماء الاصول معيار للتكليف , وهم يتكلمون عن العقل فى بحوثهم وليس عن النفس , العقل هو قوة نورانية تخلق مع الاجساد وتكون ناقصة ثم تنمو وتكبر بطريقة فطرية وغريزية وهي لا تدرك بذاتها الا عن طريق الملاحظة والتجربة كما يحدث بالنسبة للاطفال , فهم لا يعلمون ان النار تحرق الا اذا احترقت ايديهم وعندئذ يتعلمون من انفسهم , عندما خلق الله الطفل اوجد فيه تلك القوة التى يمكنه ان يميز بها فيختار ما ينفعه , اول ما يتعلمه الطفل هو ما يحتاجه لكمال حياته , ولهذا نجد الطفل كثير الحركة ويلعب فى الادوات التى يراها امامه لانه يتعلم عن طريق تلك الالعاب اشياء كثيرة , معظم الاشياء لا يدركها الانسان بنفسه ولا يمكنه ان يكتشف اشياء كثيرة , عندما يرمي الطفل كوبا من الزجاج فلا يمكنه ان يدرك انه سينكسر الا عندما يراه امامه مكسورا , ويمكنه ان يتعلم كيف يصعد الدرج درجة درجة , انه يتعلم كل شيء من الملاحظة واكتشاف العلاقة بين الفعل وما يترتب عليه , هذا الترابط بين الفعل الاول والنتيجة هو ما يتعلمه الطفل فى طفولته ,  العلاقة بين النفس والعقل علاقة معقدة ومتداخلة , من الطبيعى ان الانسان يتعلم من الملاحظة , واحيانا نشك فى مدى ذكاء الانسان , عندما نرى ان كثيرا من الناس الذين يملكون عقولا لا يتعلمون من تجارب السابقين , وهذه هي مهمة التاريخ ان يتعلم الانسان منه تجارب السابقين , معظم الناس يفترض انه اكثر ذكاءا من كل الاخرين , هناك وصفان مذمومان يلحان على الانسان ويتحكمان فيه  يجعلان دلك الانسان اقل استقامة وفضيلة , هما  الطمع وهو قوة غريزية ناتجة عن القوة الشهوانية , وهذه القوة ملحة ومسيطرة وتفقد العقل رشده , وعندما يتحكم الطمع فيه تتوقف قدرات العقل ويصبح ذلك العقل اداة بيد تلك القوة الغريزية , الطمع يدفع الانسان للقيام بفعله وهو غائب عن وعيه بالرغم من كامل ارادته فيما يفعل , انه يرى ما يطمع فيه  وتنهار قدراته , ويقدم من غير خوف ولا تردد للتمكن منه , اما الوصف  الثانى فهو الحقد وهو وليد القوة الغريزية الثانية , وهي القوة الغضبية , الحاقد لا يرى الحقيقة امامه لانه يرى  السعادة فى ايقاع الشر بمن يحقد عليه , انه يفقد انسانيته , مشاعر الحقد تملك عليه تفكيره , ما اقسى ما يفعله الحقد فى النفس , وتساءلت مع نفسي هل يمكننا ان نثق بذلك الانسان الذى يملك هذين الوصفين , هذا الانسان يمكنه ان يكون حاكما وقاضيا وعالما , هل يمكننا ان نثق بطامع او حاقد وهذه صفات غريزية  فى الانسان , وليس من الضرورى ان تبرز هذه الاوصاف لدى كل من نلقاهم , من لا يملك القدرة على الفعل فلا يوصف بالفضيلة اذا لم يتمكن منها , هناك من لا يطمع لانه لا يجد ما يطمع فيه , وهناك من لا يحقد لانه لا يملك القوة التى تمكنه من الانتقام , مهمة التربية ان تعلم الانسان فضيلة الاستقامة ومحبة الخير , واهل الاستقامة يملكون ما يملكه غيرهم من الغرائز ولكنهم يتعلمون كيف يتحكمون فيها لكيلا تبرز فيهم , كل ذلك يدفعنى للتساؤل عما اذا بالامكان ان نثق بالعقل فيما يختار لنفسه , ذلك التداخل بين ما يصدر عن  النفس والعقل لا اراه واضحا فى دلالته على احدهما , كنت ارى الانسان وهو المكلف وهو المخاطب , الانسان هو ما اراده , الانسان هو المعاقب اذا اخطأ وهو المجازى اذا احسن , الانسان وليد واقعه وتربيته وبيئته وكل ما فى ذاكرته هو جزء منه , وهي عوامل  مؤترة وموجهة , من اراد ان يعرف الانسان فيجب عليه ان يعرف كل مافى نفسه , ماكان ظاهرا وماكان خافيا فى لا وعيه , الفكر هو وليد ذلك الانسان بكل ما فيه ,  ليست هناك مما ثلة فى القضايا الانسانية , هناك ما نراه بحواسنا وهناك مالا نراه من المكونات , هناك معيار واحد للتفاضل , هناك خير وهناك شر , مهمة التربية ان تجعل ذلك الانسان اكثر استعدادا للفضائل واشد نفورا من الرزائل , مهمة الدين فى مجتمعه ان يجعل الانسان افضل واكمل وان يجد فيما اعده الله للصالحين من الاجر ما يجعله اكثر رحمة واستقامة , عندما ننمى القوة الايمانية نجعل الانسان اكثر استعدادا للخير واقل قسوة وظلما , الدين حليف المستضعفين والمظلومين الا ان الجهل جرد الدين من معانيه الانسانية وجعله قاصرا على سلوكيات خالية من الدلالة الاخلاقية , هذه هي ازمة الدين عندما ينحرف المؤمنون به عن مضامينه الروحية الى عادات خالية من الدلالة الحقيقية  , مهمة كل جيل ان يكون مخاطبا برسالة الدين وان يفهم المقاصد المرجوة من الدين والا يعبث العابثون باصول الدين وثوابته والا يجعلوه مطية لمن يريد ان يتسلقه للوصول الى ماليس من الدين من الاهداف والغايات .

( الزيارات : 612 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *