كلمات مضيئة..الانسنة يعنى الاهتمام بالانسان
فى كل حواراتي الفكرية مع ابرز الفلاسفة الذين التقيت بهم كنت اومن بفكرة الانسان واهمية الاهتمام بذلك الانسان كيانا انسانيا وحقوقا وكرامة وعقلا وجسما وروحا , كل ما يرتبط بالانسان وما ينفعه وما ينهض به , ولا يعنينى ما تجاوز الانسان مما لا حاجة له اليه , وكنت اركز على اهمية الاهتمام بذلك الانسان تكوينا وتربية وثقافة ومعرفة وكرامة , وكنت اطلق علي هذا المنهج انسنة الاهتمامات وانسنة العلوم والمعارف , كل ما يرتبط بالانسان فهو مهم ويستحق التامل فيه لانه يعبر عن واقع وهو خاضع لمعاييرالنقد العلمى للتامل فيه , وهذا يدفعنا للتفكير فى الظاهرة الاجتماعية والسلوك الاجتماعى , مالا يسعدنى لا احتاج اليه , ومالا يصدر عنى فهو خارج اهتمامى لا لانه ليس مهما بذاته , ولكن لانه لا يعبر عنى , لقد لا حظت ان معظم الفلاسفة قديما وحديثا ومنهم اصحاب المدرسة التنويرية قد بالغوا كثيرا فى الخيال والافتراضات , واننا نقدرهم فيما اضافوه من افكار تنويرية فيما يتعلق باهمية الثقة بالعقل واهمية التفكير والتعبير عن الذات , واخص منهم الذين كان الانسان هو موطن اهتمامهم لتحريره من الجهل والفقر والظلم والقهر باسم السلطة حينا وباسم الكنيسة فى الغالب وباسم المجتمع والاخلاق والتقاليد والاعراف , لا يمكن لاحد ان ينكر ماعاناه رموز العلم من اضطهاد وحرمان , لا لانهم قالوا ما خالف الدين ولكن لانهم تجاوزوا الخطوط الحمراء التى تهدد سلطة رجاله والقائمين عليه , هذا لا يبرر الاساءة للعلماء , مهمة العلم ان يساعد على حسن الفهم لدور الدين فى مجتمعه فى توفير اسباب الاستقرار الاجتماعى والسكون النفسي , وهذا الهدف لا توفره الفلسفة بمناهجها ولو كانت تنويرية , عندما يكون الانسان هو المخاطب من الله فهو المؤتمن على الفهم بما اعطاه الله وزوده به من قدرات عقلية وميول روحية ورغبات غريزية واستعدادات فطرية , الانسان هو كل ذلك , قد يتغلب جانب على اخر فى البعض وقد يتغلب غيره لدى البعض الاخر , ليست هناك صيغة وحيدة يمكن ان نقول هي الحق , ليس اصحاب العقول هم الاولى بالفهم , وليس اصحاب النزعات الروحية هم الاولى بالصواب , الانسان هو الانسان بكل ما يملكه , التكليف الشرعي مرتبط بكمال العقول وهو سن كمال المسؤولية عن افعال الانسان الارادية والاختيارية , عندما يكون الانسان هو المخاطب والمؤتمن فيجب الثقة به , ما يصدر عن الانسان فهو الذي يترجح له انه الحق , والانسان كالقاضى عندما نكلفه بالقضاء فيجب ان نثق بقضائه , الثقة واحدة , اما ان تكون او لا تكون , لا يمكن ان ننكر على القاضى قضاءه , ولا ان نسأله عن كيفية توصله الى الحق الذى قضى به , مهمة الفكر ان يخفف القيود التى تكبل ذلك الانسان فتمنعه من اداء مهمته فيما كلفه الله به , من حقه ان يفهم ما خوطب به وهو خطاب التكليف , وهو النص , ثبوتا ودلالة , اما الثبوت فهناك اهل الرواية وهم الذين اهتموا بذلك النص , وهؤلاء هم اهل الاختصاص والعلم فيما كان من امرهم ولا ينازعون فيما اختصوا به , اما الدلالة فهناك اهل الاستدلال والاستنباط , ومهمة هؤلاء شاقة وعسيرة , واليقين فيها قلما يكون ممكنا الا فيما كان البقين فيه ظاهرا , اما فهم النص فالانسان هو المؤتمن والمخاطب , ومن الطبيعي ان يتعدد التفسير ويختلف التأويل بحثا عن الحق ,
هناك امران عسيران هما الممران اللذان لا بد من العبور فيهما ..
اولهما الخطاب والمخاطب , اما الخطاب ولو كان واحدا فانه يخضع لكل قوانين اللغة والتفسير لانه نص لغوى , وكل نص لغوى لا بد فيه من حسن فهم المراد منه , الدراسات اللغوية والبيانية هي جزء من فهم النص , ولكل عصر ادواته العلمية فى التوصل الى المعنى المراد , لا شيء من الجهد العلمى يفقد النص المقدس قدسيته , ماكان للعلم ان يتوصل الى الحقيقة فيه فهو من الجهد العلمي ويقدر ويحترم لاهله , كل مجتهد في اي علم يهتم بالانسان يراعي عصره ويعبر عن حاجات مجتمعه , وجهد العلماء ان يستخرجوا المعانى وان يدركوا المقاصد , كل نص له روحه وهي فيما يفهم من النص مقارنة بالنصوص المتشابهة التى تقوم بمهمة البيان والتاكيد , الخطاب موجه الى الجماعة ولا يتجاهل ما هي عليه لكي يكون التفاعل ممكنا بين الخطاب والمخاطب به , لا شيء يدفعنا للخوف من كل الدراسات التحليلية للنص , وان كنت اميل الى ان المعنى المراد هو ما يتبادر الى الذهن اولا بطريقة عفوية وكنت اجد فهما اعمق وادق من كل جهود المفسرين والمؤولين , اننى اكبر كل مدارس التفسير المختلفة فيما ذهبت اليه , وكان لكل مفسر منهجه ومدرسه التفسيرية , لا احد اولى بالصواب من الاخر , يمدح من يمدح ويذم من يذم , وهذا حكم الاجيال المتعاقبة وقد لا يكون الحكم عادلا ومنصفا, اما المنعطف الثانى وهو الاشق فهو البحث عن المخاطب وهو الانسان , الانسان وليد مجتمعه ووليد تربيته والبيئة التى نشا فيها , السياسية والاقتصادية , لا يمكننا ان نتجاهل العوامل الداخلية والخارجية المؤثرة فى تكوين الانسان , لا يمكننا ان نغفل اهمية تلك المؤثرات التى توجه المجتهد وبخاصة فى القضايا الانسانية والاحكام القضائية وفى مواقفه الاخلاقية , عندما ندعو الى التفكير تعبيرا عن الذات فمن الطبيعي ان نسمع كل الاصوات المختلفة التى تعبر عن ذاتيتها , قد نكون فى حالة من الفوضى فى سماع اراء وافكار هي جزء من الواقع الاجتماعى , المخاطب ليس واحدا وهذا يفرض التعددية , وكل احد يملك ما يملكه الاخر من ادوات الفهم , وهذا هو الذي يفسر تعدد الطوائف والمدارس الكلامية والصوفية والسلفية , ليس من الممكن الا تكون وهي قد تكبر ولكن الخطر يكمن فى تنافرها واختلاف رموزها , ومن المؤسف ان ظاهرة التعددية لم تكن ناتجة عن خلافات علمية ومنهجية فذلك امر يجب احترامه , وانما كانت تعبر عن صراعات سياسية ومذهبية كانت الانظمة السياسية المتنافسة تسعى لا ستخدام كل ذلك لتبرير مواقفها وتأكيد شرعيتها , وكانت كل دولة تسلم مهمة القضاء والفتوى لمن تثق بولا ئهم لتلك الدولة فى نظر العامة , ولو تتبعنا تاريخ المذاهب الفكرية لوجدنا ان معظمهم كان يعبر عن السلطة التى كان ينتمى اليها , وكانت قضايا الانسان غائبة عن الاهتمام , وهذا هو التفسير الوحيد لوجود تيارات فكرية واصلاحية ذات افكار ايجابية قليلة ترفع شعارات تدافع عن الحريات والحقوق ..
اترك تعليقاً