التربية الروحية ضرورية

علمتني الحياة

أن التربية الروحية ضرورية لمواجهة أزمة التصادم بين الإنسان والآخر، وبين الأمم والشعوب والحضارات، وعلى مستوى المجتمع الواحد بين الرجل والمرأة والغني والفقير والحاكم والمحكوم، وغاية التربية الروحية هي إيجاد ذلك التواصل الإنساني لمواجهة الشر في المجتمع والقضاء على الحروب والجرائم والتفاوت المذلّ بين الشعوب والتمييز العنصري. وليست التربية الروحية هي ذلك الإنزلاق إلى المجهول الذي ترفضه العقول، وليست تلك السلوكيات المنحرفة في الطقوس الدينية، وليست تلك المواجيد المفتعلة التي تدل على جهل أصحابها، وإنما هي منهج إنساني رفيع المستوى للارتقاء بمستوى الإنسان إلى حيث الفهم العجيب لمعنى الحياة والسمو بالسلوك والتعلق بالكمال، ومواجهة قوى الشرّ في المجتمع والقضاء على الصراعات الدينية والقومية والطائفية والطبقية، لتحقيق مجتمع المحبة والألفة والتعايش والتساكن، ومجتمعنا يحتاج إلى هذه التربية الروحية لكي يتميز عن غيره من المجتمعات بصفاء النفوس وتزكيتها وطهارة القلوب ونقائها، ولا نريد التربية الروحية لكي نحلق في الأوهام الضارة، ولا نريدها لأجل الانشغال بها عن عمارة الكون بأسباب الحياة، نريد التربية الروحية لكي نحترم إنسانية الإنسان ولكي نوفر له أسباب الكرامة المادية والمعنوية، نريد الروحية التي نقاوم بها طغيان الأقوياء الذين يذلون المستضعفين بقوتهم، ونريدها حتى تنمو ضمائر البشر فينطلق من أعماق الذات الإنسانية صوت الحق يدعو إلى الخير والفضيلة في المعاملات الإنسانية.
هذه هي التربية الروحية التي نريدها، ولا نريد غيرها، نريدها أداة للتقدم لا للتخلف، نريدها للبناء لا للهدم، نريدها أن تكون صوت الحق في قلوبنا، تخاطبنا من أعماق ذاتنا لكي نحاسب أنفسنا عن كل سلوك مذموم ينمي مشاعر الأنانية في شخصيتنا.. أما التربية الروحية التي تشغلنا بالأوهام عن الواقع، وتنمي في كياننا مشاعر الغرور، والتميز، وتدفعنا إلى الكسل والتواكل والسلبية، فهذه ليست تربية روحية، وإنما هي سلوكيات تكرس التخلف في مجتمعنا، وتضعف تكويننا الذاتي، وتغتال العقل البشري الذي خلقه الله في الإنسان لكي يكون سراجه المنير الذي يهديه إلى دروب الحق والفضيلة.
التربية الروحية هي أداة لتحرير الإنسان من عبودية المادة ومن سيطرة الغرائز الفطرية الجامحة، لكي يكون الإنسان الأفضل والأكمل في سلوكياته وخواطره وأفكاره…

لماذا التربية الروحية ؟..
هل هي ضرورية لحياتنا اليوم أم هي مجرد ترف فكري وتطلع مثالي إلى الأسمى .؟!.
لعلي في كلمتي السابقة أردت الإجابة على هذا التساؤل..
نحن اليوم أشد حاجة من أي يوم سابق إلى التربية الروحية الأصيلة لتعميق قيم المحبة والرحمة والخير في النفوس لمواجهة انزلاقات النفس الغريزية إلى إشباع الرغبات التي تؤدي إلى المنافسات والصراعات ..
نريد الدين الحق والمفاهيم الراقية له التي تمدنا بالإيمان العميق لكي نكون أفضل في خواطرنا ولكي ينتصر الخير على الشر والفضيلة على الرزيلة ولكي يقف المجتمع كله متكافلاً للدفاع عن كرامة الانسان وحقوقه التي أكرمه الله بها , وأهمها حقه في الحياة وقدسية الحياة وكل ما يوفر أسباب الحياة من غذاء وسكن وأمن وكرامة ..
هذا هو ما يأمرنا به الدين. وكل مفهوم للدين لا يحترم إنسانية الإنسان فهو مفهوم مناف لثوابت الدين وأخلاقياته ومقاصده وروحه..

( الزيارات : 682 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *