منهجية السيد النبهان

ذاكرة الأيام.. منهجية السيد النبهان

الكلتاوية


مازلت حتى اليوم أتأمل فيما كنت أراه في حياة السيد النبهان طيب الله ثراه من مواقف وأستحضر بعض كلماته ودلالاتها وأستعين بما كنت ألاحظه في سلوكياته ، وأحاول أن أستنتج منهجه التربوي والروحي من خلال حياته اليومية ..
لا أقصد من هذه الذكريات المديح وأحرص على دقة ما أرويه من أحداث ووقائع ، ولا أروي عن سماع أو رواية فلست بحاجة لرواية ، وقد كنت شاهداً بنفسى على ما أرويه ،
والمبالغة في الرواية ليست محببة في الرواية ، فالكبير يكبر بما يصدر عنه ولا يكبر بما ينسب إليه ..
أهم ما كنت ألاحظه أن السيد النبهان كان لا يميل إلى المبالغات في الأذكار ولا يحب الطقوس ولا المظاهر المعتادة في الطرق الصوفية ، فلم يكن له ورد ينسب إليه ولم يأمر أحداً من أصحابه بخلوة أو عزلة أو مجاهدة متكلفة أو انقطاع عن عمل أو دراسة أو تجارة أو زراعة ، ولم يكن يميل إلى مجالس السماع والمواجيد المتكلفة ، ولم يكن هناك حلقة ذكر في يوم الجمعة في أيام الكلتاوية القديمة ، وقد أقام حلقة الذكر في وقت متأخر ، ربما في الستينات ، بطلب وإلحاح من بعض إخوانه عليه ، كنت أجلس إلى جانبه ، وما كان يحب الانفعال والوجد ، ويوصي بالأدب واستحضار القلب وإغماض العينين لكي يثمر استحضارالقلب وأدب الذكر ثمرته وهو الشعور بالقرب مع الله ، كان يرى أن الكلمة البيانية المذكرة بالله هي الطريق الذى يعرّف الإنسان بربه ، وكانت مجالسه مجالس مذاكرات وأحاديث قلما تكون فيها مواجيد السماع ، ولم ينتم إلى أية طريقة وليست له طريقة ويقول : كل طريق يقودك الله فهو صحيح ، ولم ينكر أي طريق ولم يرجح طريقة على غيرها ، ولم يلتزم بأية أوراد أو أذكار أو مجاهدات أو خلوات ، وكان يحض على العلم ويأمر طلاب العلم بأن يكون العلم هو عبادتهم اليومية ، ولم يكن يهتم بظاهر السلوك والمظاهر والملابس ، كان يحض على الكمال والتزام الكمال وهو أمر نسبي ، ولكل فرد كماله الخاص به ..
كان له منهج تربوي تجديدي في التربية الروحية تعتمد الرقي في المفاهيم المعرفية والرقي في السلوك والتزام الأدب مع كل الآخرين حيث كانوا ، وعدم التشدد والتزمت مع الالتزام الكامل بظاهر الشريعة وآدابها والبحث عن الثمرة المرجوة في السلوك الراقي والمشاعر الإنسانية والعواطف التي تعبر عن إنسانية الإنسان في علاقاته مع الآخرين ..

( الزيارات : 1٬291 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *