الترف يضعف الشعور بالتحدى..

 كلمات مشيئة..الترف يضعف الشعور بالتحدى ..

تكلم ابن خلدون كثيرا عن ظاهرة الترف فى المجتمعات الانسانية واعتبر ذلك من العوامل السلبية وعلل ذلك بان الترف يولد حالة نفسية تتناقض مع حالة التحدى التى تحتاجها الدول والحضارات والمجتمعات   لكي تكبر  وتنهض  لان الترف يجعل صاحبه اقل صبرا واكثر تململا من المشقة  فلا يحتمل ما يطلبه التحدى من تضحيات وصعوبات  , هذا جانب نفسي يبين قوانين النفس واستعدادها للعمل الشاق الذى يحتاج البناء اليها , الترف مظهر من مظاهر الحضارة والعمران  وفى ظل الحضارة تزدهر الصنائع المختلفة وفى ظل الترف يكون الانسان اكثر تطلعا للتفنن فى تحسين حياته فيهتم ببناء القصور وتزدهر الصنائع الجمالية كما تذدهر العلوم المختلفة ومنها علم الطب لحرص المترفين على حماية حياتهم وعلاج ابدانهم , الصنائع ليست صنائع حرفية ويدوية وانما هناك صنائع فكرية,  ومنها علم الطب ووسائل العلاج , وهذه لا تنمو الا فى ظل الحضارة والعمران , اثر الترف انه يجعل النفوس اقل استعدادا لتحمل تحديات البناء والبناء لا بد له من جهد مضاعف ..

تاملت فيما كتبه ابن خلدون عن ظاهرة الترف فى المجتمعات واعتبار ان الطب يزدهر فى مجتمعات الترف فى الامصار بسبب تطور الحضارة فيها واختلاف العوائد والعادات الغذائية  , فمجتمعات الترف يبحث اهلها عن الكماليات فى الوقت الذى يهتم سكان البوادى بالضروريات فقط , وهذا سبب مباشر لا  ودهار الصنائع ومنها صناعة الطب ,  ثم يؤكد ان الامراض تكثر فى مجتمعات الحضارة لطبيعة الحياة فيها , واهمها ا ن اهل الترف فى الامصار ينفقون اكثر على طعامهم ويؤدى ذلك الى كثير من الامراض الناتجة عن تلك العوائد فى الطعام والشراب وبخاصة فى مجتمعات الجهل والتخلف , ولهذا تكثر الامراض ويحتاج الناس الى الطب ويكبر الاهتمام به ويكبر الانفاق عليه  , وهناك اسباب اخرى لكثرة الامراض فى المدن ان سكان المدن لا يهتمون بالرياضات البدنية والحركة والنشاط بسبب طبيعة الحياة بخلاف حياة البادية فان اهلها لا يحتاجون الى الطب كثيرا بسبب نظامهم الغذائى وهو اقل تعقيدا وهم فى نفس الوقت يهتمون بالرياضة من خلال طبيعة الحياة التى تتطلب منهم المشي على اقدامهم فى تنقلاتهم والجهد البدنى فى اعمالهم ..

كنت اتامل في طبيعة الشعوب ومدى استعدادها فليست هناك شعوب افضل من شعوب وانما هناك ظروف تربوية واجتماعية واقتصادية تسهم فى تكوين الاستعدادات لدى تلك الشعوب , الازدهار والتخلف هو وليد واقع اجتماعى وتربية ومنهجية راقية فى التكوين , كل الشعوب يمكنها ان تتقدم اذا توفرت لها الاسباب المؤدية الى التقدم وتتخلف اذا كانت اسباب التخلف متحكمة وراسخة الجذور  ولا سبيل للتغلب عليها ,

( الزيارات : 1٬043 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *