ذاكرة الايام..التصوف فى الميزان
اعترف اننى كنت حائرا فى امر التصوف والصوفية , وقد قرأت الكثير من امهات كتب الصوفية , وتتبعت اقوال الكثيرمن اقوالهم من العبارات التى نسبت لاعلام التصوف , وكتبت الكثير عن التصوف والصوفية , وكنت اناقش كل فكرة واخضعها لمعاييرى الخاصة التى التزمت بها , هناك الكثير مما اعجبت به من الاقوال والمفاهيم , وهناك الكثير مما انكرته مما لا اراه مناسبا ولا ملائما ولا اصيلا , ما زلت اتذكر الكلمة التى نسبت لبعض اعلام الصوفية فى تفسير معنى العارف , وهو الذى لاتطفئ نور معرفته نور ورعه , ولا يعتقد باطنا من العلم ينقض عليه ظاهرا من الحكم , ولا تحمله نعم الله تعالى على هتك اسرار محارم الله , هناك اشياء لم اكن افهمها جيدا , هناك الكثير مما يعبر عن سمو فى المفاهيم , وهناك الكثير من الاوهام التى لادلالة لها ولا فائدة ترجى منها , الصادقون قلة ولكن لا يخلو منهم عصر وزمان , والمدعون كثرة منهم المتوهمون ومنهم لا يتجاوزون الدعوى طلبا للجاه وحسن السمعة لدى العوام , هناك افكار ومفاهيم كنت افهمها من خلال ما كنت اراه لدى السيد النبهان طيب الله ثراه فى حياته الشخصية من وصف فيه , وقد تعلمت منه اكثر بكثير مما تعلمته من الكتب الصوفية الاصيلة , كانت كتب المتاخرين ضعيفة الدلالة وكان يظهر فيها التكلف والتقليد , هناك مفاهيم ومصطلحات تحتاج الى تحقيق وحسن فهم , والفكر الصوفى كغيره من العلوم يحتاج الى تنقيح وتجديد , وماكان دخيلا الى التصوف يجب ان يخرج منه , وما كان من المبالغات فيجب التصدى له , الصوفية منهج تربوى روحي يهدف الى التوصل الى اهداف روحية تسهم فى رقي الانسان سلوكيا ويكون اكثر خلقا وادبا وسموا ورحمة فى سلوكه وافكاره , صوفية العوام فيها الكثير من المبالغات والانزلاقات , وصوفية الطرق ابتعد الكثير منها عن روحية التصوف الحق وكان التغالب فيها على الجاه الاجتماعى والحرص على الدنيا والمصالح والظهور والرياء , ما احوجنا الى صوفية صافية لا شطحات فيها ولا انزلاقات ولا مغالبات ولا تنافس على المشيخات وادعاء الاسرار , صوفية السلف الصالح كانت صافية نقية ولها رموز صادقة فى ايمانها ملتزمة باصول التصوف الحق , لا خيار للتصوف الا ان يخضع افكاره لمنهج النقد والتصحيح والتنقيح لكي يحافظ التصوف على صفائه ,يجب ان ناخذ من التصوف افضل ما فيه من منهج روحي يدعونا الى الافضل فى سلوكنا وفى ادبنا وفى القيام بما يجب علينا من حسن التوجه الى الله والتزام الادب مع الله فى عبادتنا وفىما يصدر منا من سلوكيات تعبر عن رقي الانسان فى حياته وفى علاقته مع الله اولا ومع الناس ثانيا..