التقشف اليوم لاجل البناء غدا..

.

التقشف لأجل البناء

ماذا يضرُّ المجتمع الإنساني لو أنّ العالم كلّه اتجه لمدة ثلاث سنوات فقط لبناء أسباب الحياة والمتطلبات الضرورية للإنسان ؟ وأهمها الاهتمام بالأرض وتطوير الزراعة والعناية باستخراج الماء وحفظه وبناء السدود وإصلاح الأراضي ، ومضاعفة الغذاء ، والاهتمام بالثروة الحيوانية ، والغابات وبناء الطرق ، والاهتمام بالريف ، وبناء المدارس والمعاهد للبحوث والدراسات التي توفّر الحاجات الضرورية ، ومقاومة أخطار الجفاف ، والجراد والأمراض المعدية ، وتوفير الطاقة وبناء القرى والبيوت الريفية وبناء المصانع لإنتاج الغذاء للإنسان والحيوان .

ماذا يضرّ المجتمع الإنساني لو توقفت مصانع السيارات عن الإنتاج لمدة ثلاث سنوات لكي نوجه كلّ طاقتنا لبناء أسباب الحياة ؟ وهناك آلاف المصانع تنتج السلع الكمالية التي لو توقفت لمدة ثلاث سنوات لما شعر أحد بها واتجه اهتمامنا وثروتنا لبناء أسباب الحياة لكلّ الشعوب .

وثلاث سنوات من التقشف في الإنفاق الاستهلاكي للطبقة المترفة يساعد في تخفيف الآلام والنهوض بمستوى الإنسان وتكوين استعداده وتزويده بالمهارات والخبرات التي يحتاجها ، لو أغلقنا مصانع إنتاج العطور وأدوات الزينة والساعات الثمينة والمجوهرات وأدوات اللهو ودور الأزياء والطائرات الخاصة والمشاريع الترفيهية والجزر الصناعية ، وجهنا كلّ اهتمامنا للمطالب الضرورية التي يحتاج إليها الإنسان لحياته وأمنه واستقراره .

ما حاجتنا لمصانع السلاح ونحن نبحث عن السلام ؟ ولماذا ذلك التسابق في إنتاج السلاح النووي ونحن ندين استخدامه ؟!! ومن أراد البناء فأول ما يجب أن يفعله أن يدمر كلّ وسائل الدمار والخراب ، ومن أراد السلام فعليه أن يغلق مصانع السلاح ، وأن يفتح مصانع لصنع الرجال وتكوين الخبرات .

ثلاث سنوات من التقشف في الإنفاق الاستهلاكي المرتبط بالترف سيمكن اقتصادنا من النهوض ومجتمعنا من الصمود في وجه الأزمات المقبلة ، وأهمّها نقص الغذاء والماء وتفشي الأمراض الوبائية والجفاف والتلوث البيئي والأميّة والجهل والتصحر وجفاف الأنهار والهجرة من الريف  إلى المدينة  والبطالة والجريمة …

ولا خيار لمجتمعنا في عالمنا العربي إلا أن يعدّ نفسه للمستقبل ، وأن يخطط لمرحلة ما بعد النفط ، فمن المؤكد أن الأزمات ستكون أكثر خطورة والسكان سيتضاعفون ، والبنية التحتية ما زالت ضعيفة ، والأميّة ما زالت تشكلّ ظاهرة سلبية ، وبلادنا تعاني من نقصٍ في الغذاء والماء ، وريفنا ما زال متخلفاً ، والعامل في بلادنا ما زال يحتاج إلى تكوينٍ يرفع من إنتاجيته ومهاراته وخبراته ، ومجتمعات النفط يجب أن تخطط لمرحلة ما بعد النفط ، وأن تحافظ على ثروتها لأجل جيل الأحفاد ، ويجب أن نستورد التكنولوجيا المنتجة والنافعة والمفيدة لنا ، ولا حاجة لمجتمعنا إلى صفقات السلاح لمحاربة جيراننا ويجب أن نحل مشاكلنا مع جيراننا بالحوار والمفاوضات والثقة المتبادلة ، ولن نتحالف من أعدائنا ضدّ أهلنا وجيراننا .

( الزيارات : 770 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *