التمس العذر للناس فيما هم فيه

 

 

علمتني الحياة

أن ألتمس العذر للناس فيما هم ذاهبون إليه , وفيما هم مؤمنون به , ولا يعني أنهم على حقّ فيما يختارون , ولكن معظمهم يرى الحقّ في جانبه , ويؤمن بما ذهب إليه , وهذه الاختلافات أمرٌ طبيعي وحتمي وظاهرة اجتماعية , إذ لا يمكن أن تتوافق رؤية الإنسان حول قضايا الحياة , فالإنسان وليد عصره , والبيئة المكانية والزمانية تتحكم في اختياراته ومواقفه , والإرث التاريخي التي تتلقاه الأجيال الحاضرة من الأجيال السابقة يوجه كل جيلٍ نحو استعداد وقناعات ملائمة لما يتلقاه منذ طفولته , من تصورات ومكونات , تسهم في تكوين القابليات والميول الذاتية لكل فرد ولكل شعب .

وهذا التنوع لا يخيف وهو ظاهرة طبيعية , ويمكن للإنسان أن يتحكم قي عواطفه من خلال تجربته الذاتية , والتربية تسهم في تكوين اختيارات سليمة وتنمية مشاعر الخير في الإنسان , والخير غالب وفطري , والشر طارئ ولا ينمو إلا في ظل أسباب تعمقه في النفس ..

واذا اردنا السلام فيجب أن تكون التربية هي الأساس في تكوين قابليات السلام , والسلام بين الشعوب هو أمل كل الشعوب , فلا أجمل من السلام في حياة البشر , ولا يتحقق السلام إلا في ظل الاحترام المتبادل بين الشعوب واحترام خصوصيات كلّ شعب , والتكافل الإنساني , ومنع العدوان وإيقاف الحروب وتنمية العلاقات الإنسانية ولا شيء يحقق هذه الغاية سوى الإيمان الديني الحقيقي والصادق في ظلّ الاحتكام لتشريع الله العادل والاحتكام لإرادة الله فيما وقع الاختلاف فيه ..

والتنوع ظاهرة إنسانية , وهي دليل عظمة هذا الكون , وليس هناك تماثل في أي شيء , والعقول متفاوتة في إدراكاتها , والكل على حق فيما يراه , وكل شيء نسبي , والحياة تتسع لكلّ الأفكار والثقافات والشعوب , فلماذا تكون الأنانية والتصارع ؟.. وتراث الإنسانية هو تراث كل الثقافات والحضارات , ومن أدب الإنسان أن يحترم الآخر بكل خصوصياته , ومعيار التفاضل هو العمل النافع والمفيد ..

وكل عولمة تهدف إلى إلغاء الخصوصيات الذاتية فهي عولمة أنانية , فليس هناك قوي وضعيف , وإنّما هناك خير وشر , ونافع وضار , وصالح وفاسد , والارتقاء إلى الأفضل هو السبيل الصحيح , والأفضل هو الذي يرتقي بمستوى القيم والسلوكيات والأفكار , ويجب أن يتجه الفكر الإنساني إلى تعميق الوحدة الكونية والقضاء على كل الأفكار العنصرية والأفكار التي تتجاهل الحرية وكرامة الإنسان , وهذا هو طريق السلام بين الشعوب ..

( الزيارات : 1٬658 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *