الثقة بكبار النفوس

 

علمتني الحياة

أن أثق بكبار النّفوس ولو كانوا خصومي ، وألا أثق بصغار النفوس ولو كانوا أصدقائي ، وكبار النفوس لا يغدرون لأنهم يستحيون من الغدر ويخجلون أن ينسب إليهم ما لا يليق من الأفعال ولو مع خصومهم ، أما صغار النفوس فقلما يصدر منهم الوفاء ، لأن الوفاء يتطلب تضحية ، وصغار النفوس لا يضحون ، وهم أوفياء لمصالحهم ، ولا يخجلون من النفاق ، ويحسنون التملق ، ويتقربون لكل قوي ، ويجب أن تكبر المجتمعات بكبار النفوس من أصحاب المواقف الشجاعة ، ولا ينهض مجتمع إلا بالكبار من أبنائه ، الذين يرفعون شعار الكرامة والحرية والوطنية ، ولا يسقط مجتمع إلا بسقوط هؤلاء تحت سياط المنافقين والمتملقين من صغار النفوس .

ولا يكون هناك استعمار لشعب إلا عندما يكون ذلك الشعب مستعداً لقبول الاستعمار وا لتعاون معه، ولا ينجح احتلال بلد إلا بتواطئ الصغار مع المحتل الغاصب ، والكبار هم رموز المقاومة الشريفة للدفاع عن الحريّة ، والكبار لا يخونون الأمانة ولو ماتوا في سبيل الدفاع عنها ، والكبير لا يكبر بماله ولا بنفوذه ولا بسلطانه وإنّما يكبر بالمواقف والتضحيات والإيمان بالقيم الغالية…

والمجتمع الناهض يرفع من شأن الكبار ويقدر تضحياتهم ويقف إلى جانبهم في المحن ، ويسقط صغار النفوس ممن يتنكرون لشعبهم أو يلتفون حول مصالحهم ، فالثروة لا تصنع من الصغير كبيراً ، والنسب الرفيع لا يرفع من شأن المتخاذلين والمنافقين ، ومهمة التربية هي تكوين تلك النماذج الإنسانية الكبيرة ، وقد نجد هذه النماذج في الأحياء الشعبية الفقيرة أكثر مما نجدها في الأحياء المترفة التي يكبر سكانها بالأوهام والأموال والمظاهر ، فلا تقللوا من أهمية أولئك الضعفاء والفقراء الذين يتمسكون بقيم الحرية والكرامة ، فهؤلاء هم الذين يملكون قابليات المقاومة والشهادة .

( الزيارات : 668 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *