الجزية الجديدة.. وتمن الحكم

الجزية مصطلح إسلامي ورد في القرآن الكريم واستخدمه الفقهاء ، والمزاد بالجزية : الضريبة التي يدفعها الذمي الذي يعيش في الدولة الإسلامية لقاء ما يتمتع به من أمان وحماية .

وتُفرض الجزية على الأفراد ، ويُفرض الخراج على الأراضي التي فتحها المسلمون وبقيت بأيدي أصحابها يزرعونها ، وكان الخراج من أبرز مصادر بيت مال المسلمين ، ولا تُفرض الزكاة على أهل الذمة ، لأنها فريضة دينية تفرض على المسلم ولا تفرض على الذمي ، وقد اهتمت كتب الفقه ببيان أحكام الجزية والخراج والعشور ، وهناك كتب متخصصة في بيان كيفية تطبيق هذه الواجبات المالية ,واهمها كتاب الخراج لأبى يوسف.

 ومرت فترات تاريخية في الأندلس كان المسلمون يدفعون الجزية للدول النصرانية لكيلا يقع الاعتداء عليهم ، فالدولة القويّة تفرض على الدولة الضعيفة مالاً تدفعه ثمناً لأمنها وعدم شن الحرب عليها .

وقد تطور مفهوم الجزية في العصر الحديث ، وأصبح أشدَّ قسوة من ذي قبل ، لكن اختلفت التسمية ، فالدولة الأقوى تفرض على الدولة الضعيفة أن تدفع لها ثمناً باهظاً لحمايتها والدفاع عنها ، والثمن اليوم قد يكون صفقة سلاحٍ باهظ القيمة أو شراء طائرات وصواريخ ، وقد يكون إعطاء امتيازات اقتصادية كإقامة مشاريع عمرانية وبناء طرق وسدود ومطارات ومنشآت تكنولوجية ، وقد يكون شراء سندات أو الاحتفاظ بودائع في البنوك العالمية ، ولا خيار للدول الغنيّة إذا كانت ضعيفة إلا أن تستجيب لكلّ المطالب الماديّة وتقديم التنازلات ولو كانت مُذِلَّة ، ولا خيار لها إلا أن تستجيب لكلّ ما يفرض عليها ، والدول النفطية تدفع اليوم ثمن حمايتها من ثروتهاوسيادتها ، وكلّ مفاوضة بين طرفين غير متساويين في القوة لا بدّ للطرف الضعيف الا أن يرضخ ويحني رأسه ويوقِّع كلّ الاتفاقيات والمعاهدات والصفقات ، وإن لم يرضخ يُصب عليه العذاب من كلّ الجوانب ، ولا خيارله إلا أن يدفع الثمن ، وهي جزية لكن بطريقة حضارية .

والدول النفطية لا خيار لها الا أن تحمي نفسها بوحدة كلّمتها وتضامنها مع محيطها العربي والإسلامي ، لكي تحمي وجودها واستقلالها وتحافظ على ثروتها ، وأن تبني قوتها الذاتية ، وتنفق ثروتها على تنمية بلادها وبناء البنية التحتية لكي يستفيد الأحفاد من هذه الثروة ، فإن أزمة الاقتصاد العالمي ستزداد خطورة وسيأتي اليوم الذي لن تستطيع الدول النفطية في الخليج استرداد احتياطياتها النقدية من الدول الكبرى المثقلة بالديون والأعباء المالية .

( الزيارات : 1٬640 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *