محبة الله ..والتعلق بالكمال

محبة الله…

إذا أحب الله عبداً لطهارة قلبه وصفاء نفسه ونقاء فطرته ألقى في روعه محبته ، ومن أحب الله أحبّ كلّ شيء يحبه الله ، فأنت تحبّ رسول الله صلى الله عليه وسلم لأن الله يُحبه وقد اختاره ليكون نبيّه ورسوله وسيّد الخلق والمثل الأعلى للإنسان في سلوكه وخُلُقه وحبه للكمال وسيرته الذاتية ، ومن أحب الله أطاعه فيما يأمره به وفيما ينهى عنه ، وكيف يمكن لمحب أن يعصي من يحبه ، فإن عصاه فقد كذب في ادعاء حبه ، ومن أحبه الله ألقى في نفوس خلقه محبته ، وهذا أمرٌ لا تدركه العقول لكن تُسلم به ، لأنه واضح وظاهر ومؤكد ، ومن أحبّه الله حبَّبَ إليه الكمال ، فكان صادقاً في قوله مستقيماً في سلوكه ملتزماً بأمانته ملتزماً بالعدل كارهاً للظلم محباً للناس رحيماً بهم رؤوفاً بالصغار ملتمساً للعذر للناس فيما هم فيه ، أديباً مع الله لا يتدخل في شؤون تدبيره لمملكته ، ولا يوجب على الله أن يعاقب مذنباً أو منحرفاً ، فليس هذا من اختصاص العبد فالله يفعل ما يشاء ويعفو عمن يشاء , ويُدخل من شاء في جنته ، فلا يُحاسب فيما يفعل ، وكلّ شيء بعدله ورحمته ، ولا تنفصل الرحمة عن العدل ، والرحمة أسمى وأعلى ، ولا حدود لرحمة الله ، فأمسكوا أيها العلماء عما تقولون والتزموا الأدب مع الله ، ومزقوا كتبكم في العقائد وتوبوا عما قلتم في الوعد والوعيد والثواب والعقاب ، وتحدثوا في شؤون الخلق ولا تتحدثوا عن الخالق الحكيم فيما يجب أن يفعله فكلّ الخلق عيال الله ولو كانوا عاصين وضالين ، ولا تتوغلوا في التفسير بما يُناقض روح القرآن وثوابت الإسلام ، ودعوا القرآن كما هو في صفائه ونقائه ووضوح أحكامه ، ولا تُضيقوا الواسع من مفاهيمه ، ولا تُطفئوا أنوار القرآن بما استنبطتم من أحكامٍ مناقضةٍ لروحه وسماحته ، فلقد ضيّقتم الواسع من الأحكام ، وأخذتم النصوص بعيداً عن مقاصدها ، وأخذتم من القرآن ما أنتم تريدونه ، وتجاهلتم ما لا تريدونه ، فارتكبتم باسم الإسلام ما لا يجيزه الإسلام ، فاحتكموا إلى القرآن كما تدل عليه آياته ، ولا توجهوا الآيات كما تريدون ، وأوصلوا القرآن إلى الناس كما هو صافياً نقياً ، دون الخوض في المعاني البعيدة ، ولا تُضيفوا إلى التفسير ما ليس ثابتاً من الروايات الغيبيّة ، وتوقفوا عند حدود ما رواه القرآن ، وأخرجوا كلّ روايةٍ إسرائيليةٍ وكلّ حكايةٍ غيبيةٍ لم ترد في القرآن ، فمن أين جئتم بهذه الإضافات ؟!

ومحبة الله تلزمك أيها المسلم بالأدب مع الله والأدب مع القرآن ، واجعلوا الصلاة لقاءاً محبباً مع الله تشتاقون إليه ، وهيئوا أنفسكم لهذا اللقاء بالطهارة والأدب والشوق ، والتحقق الصادق بالعبودية والتسليم المطلق ، والرضاء بقضائه وقدره ، إنكم إن فعلتم ذلك أنار الله قلوبكم ، ولا تحبوا الله لغاية في نفوسكم وإنما أحبوه لحبه لكم ولرحمته بكم ولفضله عليكم ، واشكروه وانسبوا النعمة إليه ، واذكروا الله في سرّكم وفي قلوبكم ، ولا تجعلوا الذكر عادة لا تُثمر ، وإنما اجعلوا الذكر أداة دائمة للتعبير عن محبتكم لله ، ومن أحب الله لم تُشغله الجنة والنار ولا الثواب والعقاب ، وارفعوا شعار الحب لكي تنتصر الحياة على الفناء .

( الزيارات : 1٬564 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *