الحلم والرعاية

  ذاكرة الايام ..الحلم والرعاية  
منذ طفولتي الاولي لم تكن المصالح القريبة ذات الصفة المادية  بالنسبة لي هي المعيار الذي اختار به طريقي , او التى تغرينى  , وليست هي التي تثير اهتمامي ، كان يشدني ذلك الهدف الكبير الذي كنان يتراءى  امامي كل صباح وكان يدعوني اليه. ، كان يشير لي من بعيد ويبتسم لي مشجعا وكاننى اعرفه من قبل ، كان كمصبح الضوء في الظلام يتراءى لك من بعيد وتراه املا يمنحك  القوة وتتجه اليه من غير جهد وبغير تردد ، كنت اراه. امامي وكانه يخاطبني  فى وحدتى ويشعرنى بالدفء  الروحي الذى كنت احتاجه  ، ما ضقت به يوما وما ضاق بي ، وكنت أستجيب لندائه ، واثق به انه من الله تعالى دليل عناية ورعاية  , وكنت اشعر بالتقصير في القيام بحق الشكر لله ، ومازلت اذكر كلمة السيد النبهان طيب الله ثراه وهو يقول لى كن صالحا والله يتولى الصالحين  ,  كنت احتاج الى تلك الكلمة  وكأننى كنت انتظرها  , لقد ايقظتنى من  تلك الحيرة  , كنت ابحث عن الطريق , ولولا تلك الكلمة  لما انشرح قلبي بعدها بعدها  لكل خطوة كنت اجد  فيها ذلك الضوء الذى لم يتوقف ابدا  ، وكنت اضعف أمامه. ,; ، كان يشير الي من بعيد واتبعه راضيا من غير تردد ، كان كل نفق اواجهه  ينتهي بأمل جديد في طريق يقود الي ما هو افضل منه  ، شيء ما في داخلي كان يوجهني الي مصدر النور وهو الله., كنت اشعر بان الله معى فى كل منعطف معينا ,  واراه امامي قريبا. ، لقد اعطانى الله من فضله  اكثر مما طلبت منه  , كنت اجد الطرق معبدة امامى  , لم يغب الله عنى لحظة فى ليل اونهار , يلهمني ويشرح صدري ، ويقودني الي الطريق ، اعترف بالضعف الانساني. وانا اعرف الناس بمواطن ضعفي ,  وكان فضل الله عظيما  , فليس الانسان هو الذي يختار طريقه ولو فعل لما استقام اختياره ، لو أنصفنا لاعترفنا باننا لم نكن نحن من يختار لنفسه ، احيانا نتوهم وننسب الامور الي عقلنا وذكائنا  ، ثم نكتشف اننا لم نكن نحن من اختار لنا ، في لحظات التأمل. والصفاء  نعترف لانفسنا. بما نشعر به من ذلك الفضل الالهي الذي يغمرنا به الله وينير طريقنا ، تلك هي مرتبة العبدية المطلقة لله ان يمن علينا بمرتبة الرضا والتسليم بان ما يختاره لنا هو الافضل والأحكم ، اجمل العطاء هو الذي نشعر به بانه عطاء من الله ويغمرنا بالسعادة ، كنت انتقل بطريقة لا ارادية  من ضفة يطمع كل من فيها بما فيها. الي ضفة اخري قد لا تكون مزهرة ولا مبشرة ، وسرعان ما أجد فيها ما هو افضل ويضيق صدري بما كنت فيه ، واجد في ذلك تلك العناية. التي تشعرني بذلك النور الداخلي الذي يجعلني اكتشف سر التدبير الالهي وحكمته ، وما يريده الله سيكون لان الله اختص بالتدبير فيما كان من امر خلقه ، لقد اغلقت أبواب وفتحت أبواب اخري ، وكنت اجد فيما فتح منها ذلك الممر الذي يقودني الي الطريق ، وذلك المرشد الأمين الذي يقف علي حافة الطريق. ينتظرني. ويمسك بيدي ويقودني الي حيث اراد الله ، تلك هي العبدية لله ان تجد الله تعالي في طريقك يلهمك ويرشدك. ، ما اشد غفلة اولئك الذين توهموا انهم بقدراتهم.يختارون طريق الهداية والرشاد ويكبرون باوهامهم  فى انفسهم ، اعترف انني الذي كنت اختار لنفسي ، ولم اكن غائبًا قط عن اختياراتي ، ولكنني لم اكن انا هناك ، وعندما أفيق من تلك الغفلة اجد انني من اخترت وفعلت وكتبت وسجلت ، احيانا كنت اقف حائرا متسائلا عن سر تلك الغفوة التي كانت كل المعايير فيها. تختلف عما هي عليه ، كل التحولات الكبيرة في حياتي كانت خاضعة لقانون واحد وتكاد تكون متماثلة ومحكمة التدبير ، وكانت كسلم متدرج كل درجة فيه تقود الي الاعلي والأسمى في رحلة الحياة ، ذلك الافق النوراني في داخلنا كنجم في السماء يضيئ لنا الطريق نحو ما يريده الله لنا ، ما ضقت يوما بما اراده الله لي ، وكنت اجد الحكمة والتدبير والرعاية ، عندما تنطفئ الانوار في كل منعطف اجد ان وقت الرحيل قد اقترب ، وتنشرح قلوب وتنقبض قلوب ، وتسير في الطريق الذي تراه أمامك وقد انيرت طرقاته بمشاعل هادية وابتسامات مبشرة ، ما زلت اذكر ذلك اليوم وكنت واقفا امام الكعبة الشريفة اتأمل عظمة الخالق في حكمته في امر خلقه وذلك التعدد والتدافع والتغالب، كمال متوهم والكل يبحث عنه ويجد ما هو فيه هو الكمال ، ورأيت ذلك الرجل الصالح يشير الي من بعيد ويبحث عني بين ذلك الحشد الكبير ، قال لي بلهجة اثارت الخوف في نفسي وحسبتها نذيرا مخيفا : الارض القاحلة لا تنبت الازهار ، ازرع في الارض الخصبة ، لم افهم شيئًا وقلت انه عبث عابث في ذلك الحشد الكبير ، وبدأت العواصف تشتد حولي ، وكنت في وسط تلك العواصف أبحث عن الطريق ولا اجده ، الارض الخصبة ما زالت في الذاكرة ، وذهب بي الخيال بعيدا وانا انأمل ما سمعت من ذلك الرجل الصالح ، كل شيئ لم يعد كما كان ، تغير كل شيئ ، وكدت أنسى ذلك النذير ، اشتد الظلام ولَم افقد الامل في ان اجد الطريق وأ هتدي اليه ، واقتحمت ذلك البحر الهائج وانا في حيرة من امري ، لم يكن ذلك باختيارى , فلا احد يقتحم بحرا بارادته  , ان لم تجد من يمسك بيدك  فقد تدفعك موجة الى ذلك المجهول  , لقد لا اعود الي ذلك الشاطئ الامن من جديد ، لقد ابتعدت كثيرا ، ما اقسى ان تسافر وحيدًا غريبًا ، الكل كان يقف علي ذلك الشاطئ مودعًا ومشفقا ، رأيت الدموع وهي تنهمر خوفا من ذلك المجهول وتلك الرحلة الطويلة ، كنت غائبا عن الوعي كما انا , ، لم اكن انا هناك ، لو كنت لما فعلت ، وعندما افقت من ذلك الحلم كان كل شيئ قد انتهي ، وكنت في تلك الضفة الاخري بعيدا ولا ادرى كيف وصلت اليها ، انتابني شعور بالخوف والرهبة ، وسرعان ما احاط بي من أشعرني بالأنس والدفء ، ما زلت اذكر قصة الارض الخصبة التي حدثني بها ذلك الرجل الصالح ، قال لي صاحبي : لن تندم قط علي ما فعلت ،فانت فى الرعاية ,  ما زلت عاجزًا عن فهم ذلك الحلم الذي عشته ولا ادرى هل هو الحقيقة  ام هو مجرد وهم  لانفيق منه ، وما زلت اتساءل : هل. انتهي الحلم وانتهت الرواية ام ما زال الليل طويلًا ينتظر فجرا  ..

 

 

 

 

 

( الزيارات : 819 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *