الخيارات الخاطئة..والخيارات العاقلة

 

لا شي ينهض بمستوى المجتمعات مثل الخيارات الصائبة والعاقلة والمدروسة سواءٌ في المجال الثقافي والتربوي أو في مجال الاختيارات والسياسات الاقتصادية والاستثمارية والنقدية والتجارية أو في مجال الحياة الاجتماعية وما يرتبط بها من ضرورة معالجة مشاكلّ المجتمع في التشغيل والأجور والرعاية الصحية ومقاومة الأمية والجهل ، ومحاربة الفساد الإداري والرشوة والتهرب من الضرائب والالتزامات الاجتماعية واعتماد الموضوعية والكفاءة في الوظائف العامة ، ونزاهة القضاء ومعالجة مشاكلّ الشباب النفسية والفقر والبطالة والمخدرات والعنف والجريمة..

والدولة مسؤولة في الدرجة الأولى عن سلامة اختياراتها وعدالة قراراتها ، فلا مجال للارتجال والخطأ والمصالح المباشرة لأصحاب القرار ، ودولة المؤسسات أقدر على اختيار الأفضل والأعدل ، ودولة الكلّ تحمي مصالح الكلّ ، ودولة البعض تحقق مصالح البعض ، ولا أكثرية ولا أقلية في مجال الحقوق الإنسانية ، ولا يمكن تجاهل فئة من أفراد الوطن فالكلّ متساوون ، ولا يُقاوَم ظُلم ظالمٍ بظلم مماثل وإنِّما يقاوم بعدل القضاء ، ولا تظلم طبقة من طبقة أخرى فهذا يولد الحقد ، ولا يدوم الحكم لحاكم ، والحقد يثمر الانتقام ويمنع الإقطاع ولكن لا يظلم رموزه ، ويمنع الاحتكار ولكن لا يظلم المحتكر ، ويعاقب المجرم ولكن لا يظلم ، ويعدم القاتل بحكم القضاء ولكن لا يحرم من أيّ حق مشروع ولا يذل في كرامته ولا يعاقب المواطن لأيِّ سبب إذ احتدم حقاً من حقوقه المشروعة وبخاصة في حريته الشخصية وفي آرائه الفكرية وفي نشاطه الاجتماعي وفي نقده لبعض الأوضاع الخاطئة في المجتمع وفي التصدي لمظاهر الفساد بالنقد البناء الذي ينفع ولا يضر ، ولا يسجن مواطن بسبب آرائه السياسية التي تدعو إلى الإصلاح ، ويجب أن تسمع الدولة لرأيّ المعارضة في مطالبها الإصلاحية ، ويُختَار للوظائف العامة الأجدر والأكفأ ، ولا يقدم أهل الولاء والحزبيون على غيرهم إلا بالكفاءة والنزاهة والاستقامة..

ويجب أن يشارك المجتمع المدني في الإصلاح الاجتماعي والدفاع عن حقوق المواطن والإسهام في حلّ المشكلات الاجتماعية ومساعدة الدولة في سياساتها العادلة ومواقفها الوطنية ، وأن تنتقد مواقفها الخاطئة وقراراتها الضّارة ، فالدولة للجميع ، وهي دولة كلّ المواطنين ، والمعارضة العاقلة وذات المطالب المشروعة يمكنها أن تخدم الدولة والصحافة الحرّة الوطنية يمكنها أن تسهم في نقد الأوضاع السلبية ومظاهر الفساد وفضح رموز الفساد ، وتشجع الدولة في كلّ مواقفها النافعة والعادلة…. 

( الزيارات : 1٬598 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *