الدعوة.. وثقافة الحكايات

كلمة اليوم
عندما نسمع خبرا من الاخبار او قصة من القصص عن رجل معاصر او سابق , قد يكون صالحا او غير صالح , لا يعنى ان ما نسمعه صحيحا كما سمعته , فالمبالغة مفترضة فى معظم ما يروى وبخاصة عن السابقين بقصد قديكون حسنا وهو بيان صلاح من تروى عنه الرواية او الغاية تشجيع الناس على فعل الخير وتحذيرهم من افعال الشر ..
معظم ما يروى فى مجالس الوعظ والارشاد امام العامة يحتاج الى توثيق وتاكيد وتامل فيه من حيث امكان صحته واهمية دلالته على الغرض منه , وغالبا ما تكون الغاية من تلك الروايات تشجيع الناس على العمل الصالح , واحيانا يلجأ البعض من الدعاة الى رواية الاحاديث الموضوعة التى لا اصل لها , وهذه لا عذر لرواتها فى روايتها , وهم اثمون اذا كذبوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يروون , ولا عذر لهم فلا يعذر الجاهل بجهله فيما يرويه , ويحب على رواة هذه الروايات التاكد من صحة ما يروون من الروايات وان يرتقوا بمستوى ما يروون عن الصالحين من اقوال وافعال منسوبة لهم , وهم مؤتمنون على ما يروون , ولا بد من اخضاع الرواية لمعايير الشرع والعقل واصول العادة وما يمكن ان تقبله العقول السليمة من امكان وقوع تلك الروايات التى تتردد العقول فى تصديقها لوضوح المبالغات فيها , فالاغراق فى رواية خوارق العادات عن الصالحين ينحدر بمستوى العقول ويسيء لمستوى الخطاب الدعوى ويستخف بعقول العامة للتملق اليهم بالمبالغات فيما يروون لاستدرار دموعهم ولاستمالة عواطفهم , وهذا منهج فى الدعوة قاصر وخاطئ وضار ولا يحقق الهدف المرجو منه فى ايصال رسالة الدعوة الى العقول والقلوب ..
كم نحتاج الى الارتقاء بمستوى المنابر الدعوية لكي ترتقى بمستوى المسلم فكريا وثقافيا وسلوكيا بمخاطبة عقله بخطاب مقنع مؤثر صادق لتكوين رؤية اسلامية راقية تنهض بالانسان وتؤهله لحسن التفكير ورقي الفهم , ولا مبرر لهذه المبالغات التى تروى فى منابر الدعوة والاعلام للتاثير على العامة بما لا يليق من الاساليب وما لا يصح من القصص والحكايات عن حياة الصالحين ..
لا بد من توثيق ما يروى والتاكد من صحته بنقل صادق عن مصادر معتمدة لكي يثق مجتمعنا بما يسمعه ويرتقى به الى فكر افضل وسلوك اكمل , ولا يتحقق ذلك الا بارتقاء اساليب الدعوة وارتقاء مستوى الدعاة ..وهذا هو الطريق لتكوين مجتمع اكثر وعيا بقضاياه الفكرية والسلوكية المعاصرة واكثر فهما لدينه وعقيدته وثقافته الاسلامية..

( الزيارات : 634 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *