الدين لا يعارض العقل

كلمات مضيئة..الدين لا يعارض العقل

ما ابعد الفلسفة عن الدين , لا قضية تثير اهتمام الفلاسفة كقضية الدين , كل فلاسفة التنوير فى الغرب انطلقوا من منطلق واحد وهو نقد الكنيسة ونقد افكارها ومنطلقاتها وهدم ثوابت المسيحية وكل مقدساتها ,  واعتمدوا فى ذلك على العقل فكل ما لا يدركه العقل فلا يمكن الثقة به , انهم دعوا الى التفكير فى كل شيء , وعندما وصلوا الى العقل للبحث فى مدى قدرته على الوصول الى الحقيقة ذهب معظمهم الى التشكيك فى ذلك العقل وفى كل مسلماته , فلا يقين فى المعقولات , ولا ثقة فى ادراك الحواس , وانكر بعضهم مبدا السببية , وهو من اهم المسلمات العقلية , لم اجد فى الاسلام ما يمنع من التامل فى كل ما بني على العقل من المقولات , قضية الغيب هي القضية الوحيدة التى لا تخضع للتامل العقلي لانها قضية ايمانية والمؤمن يسلم بها لانها جاءت عن طريق الوحي الالهي , والانسان ليس بحاجة للخوض فى قضايا الغيب فذلك امر خارج عن التكليف العقلي , المسلم يؤمن بالغيب كما جاء عن طريق النقل ولا يتجاوزه ولا يخوض فيه , اما ما عداه من انواع التكليف فلا اجد ما يمنع من الخوض فيه بما لا يتجاوز الثوابت النقلية التى تعتبر من الاصول , من حق العقل وهو المخاطب والمؤتمن ان تقع الثقة به فيما هو مخاطب به من الاحكام , والانسان يملك حق التفسير والتأويل بمالا يتجاوز الدلالة اللغوية لما خوطب به , من ادلى بدلوه فى الفهم وكان يملك ادوات الفهم ونزاهة الاتقياء الباحثين عن الحق  فمن حقه ان يجد من ينصت له مؤيدا له او معارضا , لا شيء من جهد العقول فيما خوطبت به يمكن ان يمنع عن اهله وان يحجر الخوض فيه الا اذا تعارض مع ثوابت الوحي وهدي النبوة , ما تجاوز ذلك فالناس سواء فيه , لا يفضل احدهم الا بما يفضل به الحق عن الباطل والراجح عن المرجوح , اما مدارس المعرفة فهي متعددة وكل مدرسة اختارت لنفسها منهجا ترجح لها انه الموصل الى المعرفة , معظم  هذه المناهج كانت متاثرة باهتمامات عصرها ومجتمعها وكانت تعبر عنه من خلال ماكانت تهتم به , ويجب ان نعترف ان المؤثرات الاجتماعىة والسياسية كانت تسهم فى توجيه الاهتمامات الفكرية لتلك المجتمعات , عندما ندعو الى التفكير والتأمل لا يعنى حتما ان نصطدم بالدين , قد نصطدم ببعض المفاهيم الفكرية التى لا يراها العقل ولا تتفق مع قوانينه , وهذا منهج فى الفهم يمكنه ان يكون مقبولا ومفهوما , لقد قلت بأن قدرات الانسان على الفهم لا تختص بالعقل وحده , وكلنا يدرك الكثير من المعانى والافكار فى حياتنا التى لا يمكن فهمها بواسطة العقل المادى , والانسان يملك الكثير من الحوافز التى تؤثر فى اختيارات العقول , وفى توجيه الانسان والتأثير عليه ..

مازال الطريق الى الحقيقة طويلا , الاهتمام بالانسان هو البداية لكل رحلة تصحيح  , اذاكان الانسان مكبلا بالقيود فمن الصعب ان نتوقع ان ينهض قبل ان يتحرر من تلك القيود , الحدائق ولو اعددتها وزرعت فيها كل الازهار فلا تتوقع ان تثمر لك ازهارا وورودا الا بعد ان ياتى الربيع , وربيعنا المنتظر ما زال بعيدا بعيدا ..

( الزيارات : 562 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *