الربا مفهوم متجدد

كلمات مضيئة..الربا مفهوم متجدد
قال تعالى :

﴿ الَّذِينَ يَأكُلُونَ الرِّبَا لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيطَانُ مِنَ المَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُم قَالُوا إِنَّمَا البَيعُ مِثلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللهُ البَيعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَن جَاءَهُ مَوعِظَةٌ مِن رَبِّهِ فَانتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمرُهُ إِلى اللهِ وَمَن عَادَ فَأُولَئِكَ أَصحَابُ النَّارِ هُم فِيهَا خَالِدُونَ * يمحَقُ اللهُ الرِّبَا وَيُربي الصَّدَقَاتِ وَاللهُ لاَ يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ * إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَقَامُوا الصَّلاَةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ لَهُم أَجرُهُم عِندَ رَبِّهِم وَلاَ خَوفٌ عَلَيهِم وَلاَ هُم يَحزَنُونَ * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُؤمِنِينَ * فَإِن لم تَفعَلُوا فَأذَنُوا بِحَربٍ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ وَإِن تُبتُم فَلَكُم رُؤُوسُ أَموَالِكُم لاَ تَظلِمُونَ وَلاَ تُظلَمُونَ ﴾ [البقرة: 275 – 279].

كان موضوع الربا من اهم الموضوعات التي اثارت اهتمامي منذ وقت مبكر من حياتى العلمية ،وكلما قرأت ايات الربا  كنت انساءل مع نفسي : لما ذا حرم الله الربا فى مواطن كثيرة فى القرأن ، وشدد النكير علي من يتعاملون به في ايّام الجاهلية ومنهم عمه العباس بن عبد المطلب وقبيلة ثقيف وبنى المغيرة  ، وأعلن القرآن الحرب عليهم ووصف الذين يأكلون الربا بانهم لا يقومون الا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس ، كنت اتساءل عن ذلك البعد الانسانى والاجتماعى , ما جاء تحريم الربا عبثا , انه الصورة الاشد خطرا على الانسان  من كل انواع الظلم الاخرى , ، ولا شيئ اشد من هذا الوعيد الالهي والمرابون  موعودون بسوء المصير انهم اعداء الانسانية ، كنت اتساءل عن مفهوم الربا ،وما المراد به في عصرنا هذا بعد اتسعت هذه المعاملات  المصرفية  , واصبحت الاموال  هي العامل الاهم  فى توجيه السياسات الاقتصدية  وتتحكم فى المواقف السياسية , وقد. تعددت اشكال المعاملات الربوية  وظهرت صور كثيرة اشد بشاعة وقسوة من تلك الصورة التى كانوا يتعاملون بها فى  الجاهلية ، وكنت قد تكلمت عن مفهوم الربا في التطورات الاقتصادية والاجتماعية المعاصرة في احد الدروس الحسنية امام الملك الحسن الثاني رحمه الله عام 1975. ونشرت هذا الدرس في كتاب بهذا العنوان ، واشعر اليوم. بخطورة المعاملات الربوية  واثارها السلبية  على الحياة الاجتماعية والسلام الاجتماعى ,  وقد اتّسع التعامل في تلك الر بويات  ، واصبحت  الديون  والقروض  مطية لا ستغلال الاقوياء الذين يملكون المال للمستضعفين. من الافراد والشعوب والدول وامتصاص اموالهم واستنزاف ثرواتهم. بسبب تلك. المديونيات التي اصبحت ثقيلة علي كل الشعوب النامية التي تدفع نسبة عالية من دخلها القومي. لدفع  فوائد تلك الديون ، هذا المنهج الربوي. يعمق الطبقية الاجتماعية  وينمى  الاحقاد بسبب ذلك الاستغلال البشع لحاجات الشعوب لاسباب حياتها  وشراء ما تحتاجه من مطالبها المعاشية ، واصبح العالم بين معسكرين : احدهما يملك المال ويقرضه بفائدة ربوية لمن يحتاجه ,  والمعسكر الثاني هم المحتاجون. الذين يقترضون لشراء ما يحتاجون  من الغذاء او المطالب الضرورية  ، المعسكر الاول يكبر مع الايام لانه يستنزف جهد الشعوب الاخري ، والمعسكر الثاني يصغر باستمرار ويزداد فقرا مع الايام الي ان تستنزف كل ثرواته ويعجز عن السداد وينهار اقتصاده بسبب اعباء تلك الديون ، ما اقسي هذا النظام. الاقتصادي الذي يكرس الطبقية الاجتماعية والعنصرية المالية ويعمق الكراهية بين الشعوب ، تلك انانية بغيضة يكرسها النظام الدولي الآيل للسقوط لاًمحالة لانه نظام لا انسانية فيه , وفي كل يوم تنكشف عنصريته. ضد كل المستضعفين في الارض من عباد الله ، لقد كبرت ثروات اهل المال في البداية عن طريق الفساد والاستغلال واغتصاب الحقوق وسرقة ثروات الشعوب عن طريق الاستعمارقبلا. ونظام الهيمنة الذي. يكرسه. الواقع الدولي. وتحميه الشرعية الدولية التي تخفي تكريس. تلك العبودية والتبعية وخيار الاذعان ، الربا الْيَوْم اقسي مما كان في العصر الجاهلي ، كان الربا بين الافراد ، واليوم بين الدول والشعوب ،وبينً. مجتمع الشمال ومجتمع الجنوب ، ونراه في المجتمعات العربية بين من يملكون المال وبين من يحتاجون اليه ، صناديق التمويل هي الصناديق الربوية التي لا تعرف الرحمة والتى ارادتها الدول الغنية لكي تسهم فى ترويج تجارة السلاح اولا وفى شراء السندات الدولية وتمويل المشروعات الانتاجية  ثانيا ، وقد  اسهمت تلك الصناديق السيادية  في إفقار كل الشعوب العربية من خلال تلك الفوائد التي تراكمت وتضاعفت واصبحت  تستهلك معظم الدخل القومي لتلك الدول ، ما اقسي ان يباع نفط العرب الذي اكتشف في الارض العربية للعرب انفسهم. ويدفعون ثمنه عن طريق القروض الربوية ، ليست هناك أمة في التاريخ الحديث ظلمت كما ظلمت الامة العربية التى حرمت من ثروتها التى اكتشفت فى ارضها  ، لقد احتلت أوروبا القوية بجيوشها  معظم البلاد العربية واستنزفوا ثرواتها في بلاد الشام والعراق ومصر وليبيا والمغرب العربي وأطراف اليمن والخليج ، ولما اكتشف النفط سيطروا عليه وأقاموا دولًا صغيرة فوق آبار النفط لحمايته من العرب والسيطرة علىه  ، وكبرت ثروات هذه الدول الصغيرة واصبحت تقرض العرب من مال النفط بالفوائد الربوية لتمويل مطالبها الضرورية ، واصبحت هذه الدول النفطية الصغيرة  تتحكم في العالم العربي كله من خلال تلك الثروات والديون التى هي ثروة كل العرب ، وذهبت. معظم ثروة النفط العربي قيمة صفقات وهمية. لشراء أسلحة ورشاوات لاسترضاء الدول الكبري لكي تدافع عن تلك الدول  من جيرانها العرب ،  المجتمع الدولي العنصري  يخفي الوجه البشع له وهو الانانية البغيضة والعنصرية  وكراهية كل الاخرين  من الشعوب المستضعفة , واليوم ينكشف الوجه الحقيقى لهذه الحضارة ,  وتبرزالانانية فيها والطمع والجشع. ، هذه الحضارة الغربية يفضحها وباء كورونا. اليوم الذي عمق الخلافات بين دول الحضارة واصبحت كل دولة. تعمل بطريقة انانية فردية. تبحث عن مصالح شعبها اولا ، ولا يعنيها امر الحياة الانسانية الا اذا كانت لمصلحتها ، لقد سقطت العولمة  من تلقاء ذاتها  وبرزت النزعة الاحتكارية والمادية والتجارية لرموز الحضارة ، انهم يتاجرون بالحياة وبصحة كل الاخرين. ، ويتنافسون علي انتاج. العلاج والاتجار به ويحتكرون الأجهزة الطيية والكمامات ، ما اقسي الحياة عندما. تنتصر الانانية والفردية علي ارادة الحياة ، اين التكافل لاجل الدفاع عن الحياة والتضحية لاجل انقاذ  الاخرين ، عندما تستغل حاجة الاخرين فيما هم بحاجة اليه   فهذا هو الربا في معناه العام ، الربا يعبر عن  الانانية والقردية والعنصرية ، الربا ان تكبر بجهد الاخرين عندما تستغل حاجتهم الى المال ، الربا منهج. لا انساني في العلاقات الانسانية، لا تستقيم الحياة الا باقتلاع تلك الانانية من النفوس ، لا احد خارج المسؤولية عن استمرار الحياة ، لا بد من التكافل لاجل الحياة ، من كبُر وحده فسوف يجد نفسه وحيدًا ولن يجد من يقف معه ، وفي ظل وباء كورونا يجب. ان تتحد كل الشعوب وبالأخص الشعوب العربية للدفاع عن الحياة وانقاذ تلك الطبقة الفقيرة والمستضعفة التي لا تجد طعامها ولا علاجها ، الثروة العربية يجب ان توظف لخدمة الشعوب العربية كلها لكي تواجه كابوس المجاعة  الناتج عن البطالة  والكساد ، وان تعفي كل الدول الفقيرة من الديون والفوائد والاعباء وان تجد المساعدة للتخفيف من معاناة شعوبها ، كل الصناديق التي كانت مغلقة يجب انً تفتح ، ويؤخذ من مال الاغنياء ما يكفي الفقراء ولو استغرق. المال كله ، لا احد اولي بالحياة من احد ، الحياة  حق والدفاع عنها حق ، ما اكتشف في ارض العرب هو لكل العرب ولا يحرم احد منه. , لا سلطان لمن استعمر هذه الارض من قبل ان  يعتبر نفسه وصيا على شعوبها ومصيرها وقراراتها , لا بد من تحرير الارادة العربية من الهيمنة والوصاية , الامة العربية مؤتمنة على مصالحها وارضها وثرواتها وهذا خيار وحيد لاجل المستقبل , وتلك هي مسؤولية كل جيل ان يتحمل مسؤوليته وهذا هو الجهاد الحق لاجل الحياة والكرامة ..

( الزيارات : 508 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *