الرحلة الى الاعلى

ذاكرة الايام..الرحلة الى الاعلى
من عيوبى ذلك التامل الساذج والعابث فيما اراه امامى من احداث تظل حبيسة ذاكرة ضاقت بما تحمله , واثقلها ما تراه من روعة الانسان فى رحلته الخالدة من نقص الى كمال..تاملت وانا ارقب طبائع النفوس ومسيرات كل انسان..
رايت من ذلك الركن الجانيى المظلم مواكب تلك الرحلة الممتعة , وشدنى ما رايت وكأننى اتابع بشغف رواية مكتوبة اوتمثيلية ممتعة بطلها الانسان ..
الناس اصناف ثلاثة :
الاول: صابرون راضون ولو بغير ارادتهم , يجلسون باسترخاء فو ق المرج الاخضر سعداء بما هم فيه يتصارعون فيما بينهم وتعلو اصواتهم ثم يجلسون راضين بما هم فيه يتحملون قسوة الحر والبرد ونقص فى الاموال والاقوات ويضحكون وقلما يغضبون واذا ظُلٌموا غضوا ولاحدود لما يفعلون..
الثانى: طامحون جادون صامتون أنهكم السير, وهم الى اهدافهم يتطلعون , ينهضون مبكرا ولايعودون الا بعد شقاء وتعب , يصعدون الدرج درجة درجة ويقتربون من الاعلى خطوة خطوة , لا يغامرون ولا يستريحون , وفى كل درجة يقفون بثقة وسعادة فما بنوه بجهدهم لن يضيع ابدا , ولن تزل اقدامهم فتسقطهم الى القاع لانهم يحسبون خطواتهم ويحسنون اختيار مواقع اقدامهم ..هم فى طريقهم الى القمة , وقلما يصلون ويكفيهم منها ما حققوه وما انجزوه , فالصعود الى القمة هو اجمل ما يشعر به الطامحون والصاعدون ..
الثالث: منتظرون يقفون امام المصعد الكهربائى فى رحلته الخالدة من القاع الى القمة ومن القمة الى القاع يتنافسون ويتصارعون ويحلمون بامل سريع ينير ظلامهم وينتظرون طويلا ذلك المصعد المثقل بافواج المنتظرين ممن اختاروا ان يكون المصعد هو طريقهم الى القمة , وحسبوا انفسهم اكثر ذكاءا ودهاءا بما يفعلون . وفى كل رحلة يحمل واحدا من المنتظرين على بابه ممن يتمكن من الوصول اليه , وفى القمة عواصف شديدة وعالم غريب من لا يحسنه فقلما يصبر عليه او يصمد فيه او يهتدى الى مسالكه الامنة , من لم يكن مؤهلا للقمة صامدا فيها متمكنا من الامساك بها فعواصف القمة تطارد الغرباء والضعفاء والكسلاء والاغبياء الذين اقتحموا مخادع القمة , وهم ليسوا ممن هو مؤهل لها , وسرعان ما تطوقه عاصفة هوجاء وترميه الى القاع مهشما مستذلا تطارده نظرات الحاسدين والشامتين ممن ظن انهم اقل منه ذكاءا ودهاءا..
رحلة الحياة الخالدة ..بطلها هو الانسان .. فهل نحسن تربية الانسان لكي يكون مؤهلا لتلك الرحلة الحتمية من العدم الى الوجود ومن النقص الى الكمال…هذه هي مهمة الاسرة والمدرسة والمسجد والمجتمع ..

( الزيارات : 1٬183 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *