السلطة والتطلع الى الحكم..

ذاكرة الايام..اغراء السلطة والتطلع الى الحكم..

كنت ارقب باهتمام ذلك التنافس والتغالب بين الطامعين فى السلطة والمتطلعين الى الحكم , كنت اشفق عليهم فى معظم الاحيان لان الثمن الذى كانوا يدفعونه من انفسهم ومن اسرهم ومن حياتهم كان مكلفا وثقيلا , وما اكثر الذين سقطوا وهم يتسلقون ذلك الجدار الذى لا يرحم  من ساء حظه منهم وهم الاكثر عددا , قلة نادرة من هؤلاء الطامعين كانوا يصلون الى القمة وقلما يجدون فيها ما يريحهم ويسعدهم قد يفرحون بها الى حين , ما اغلى الثمن الذى دفعته اسر هؤلاء من العناء والشقاء واليتم والغربة , كنت اتساءل دائما فى لحظات تاملى عن ذلك الانسان الذى تدفعه اهواؤه وشهواته الى اقتحام ذلك العالم من المحن والألام , كنت اشفق على هؤلاء , عندما يصعدون يظنون انهم يحلقون فوق كل الأخرين يتفاخرون ويستعلون ويكبرون وتكبر بهم اوهامهم وتشتد غفلتهم عن ربهم ,  وتمر بهم احلامهم الوردية سريعا وعندما يستيقظون يجدون انفسهم فى منحدر مظلم لا يجدون من حولهم احدا , اقل ثمن يدفعونه هو ذلك الشعور بالالم والفقد والوحدة ,  ويعيشون على وهم عاشوه وظنوا انهم خالدون فيه  , ولما افاقوا اكتشفوا ان الكثير ممن سبقوهم قد غادروه من قبلهم , كنت اتامل فى ملامح اؤلئك الناس الذين يسيرون فى الطرقات غير عابئين بكل ما يجرى حولهم وهم بما هم فيه سعداء فرحين  , انهم يتابعون ما يجرى امامهم من احداث وتحولات وكانه فلم يتابعون احداثه وسرعان ما ينتهي ذلك الفلم وتلك القصة وكانها ماكانت , لا يمكننى ان اتهم هؤلاء بالغباء فليسوا اغبياء ابدا وليسوا اهل سذاجة وغفلة , واكثرهم يملك من الذكاء والشجاعة والاقدام ما يجعله فى رفعة من الرجال فى مجتمعه , الطموح صفة فى الانسان والتطلع الى الافضل امر غريزى فى الانسان انه بحث عن الكمال , هؤلاء وجدوا كمالهم فى هذا الطريق الذى قد لا يكون معبدا وقد يكون مظلما , كل المغالبات يمكنها ان تكون محمودة اذا كانت راقية وعادلة ومنصفة فالناس ليسوا متساوين فى قدراتهم , يمكن لكل انسان ان  يصعد السلم كما يفعل كل الاخرين ولكن عندما تريد ان تصعد بجهد غيرك فقد تسقط سريعا الى الاسفل , وعندما تدفع من كان الى جانبك لكي تاخذ مكانه فسوف يحقد عليك وسيفعل بك ما فعلته به , فلا تلمه فيما يفعل اذا رأيته غاضبا او حاقدا , التمس له العذر فالمغالبات يجب ان تكون عادلة وتنافسية واخلاقية , كانت الامم القديمة تؤمن بالقوة فالقوي يحكم والضعيف يرضخ ويقبل الى ان يبلغ الطغيان مداه وعندئذ تكون المواجهة بين مترف قد انهكته شيخوخة الزمان وبين جيل صاعد ما زال يملك القوة والشباب والعزم , لا يمكن للشيخوخة ان تصمد فى وجه عاصفة المشاعر الغاضبة التى انهكها الشعور بالظلم والمهانة , تعالوا نعيد قراءة التاريخ من جديد , دول صاعدة واخرى هابطة , ما زال ابن خلدون يرردد مقولاته فى مقدمته وهو يكتب عن التاريخ  قبل ان يكتب التاريخ , تلك هي قوانين التغالب على الحكم كما رأها فى عصره , كتب عن البداوة والحضارة , هذا هو المعيار الذى كان فى عصره ,  بدايات ونهايات , دولة العصبية قلما تستمر وتصمد , لانها تقوم على اساس المغالبة و ومن يملكها فهو المؤهل للحكم والنصر , وعندما ينفرد احد افراد العصبية  بالمجد فمن الطبيعى ان تتفكك العصبيات المتماسكة ويتصدى البعض للبعض للدفاع عن نفسه وما يعتبره حقا له , الظلم مفسد النفوس والشعور بالظلم ايضا , معظم من كان فى الحكم يغفل عن العدو الذى يترصده وينتظر غفوته , وقد يدفعه لمزيد من  التوغل فى الحقول التى تكثر الحفر فيها والمنزلقات , احذر ممن يقف الى جانبك , احذر ممن يحذرك من كل الاخرين , احذر ممن يخيفك من كل من حولك , احذر ممن يريدك ان تكون وحيدا , العاقل ينصت لكل ناصح , كلمة الحق تسمع , عندما تكون قويا فمن اليسير ان تجد حولك من يتقرب اليك بما يرضيك , عندما تريد الخير والصلاح فسوف يشرح الله صدرك لما تقوم به وسوف تنشرح القلوب لك , وعندما تريد الدنيا وزخارفها من السلطة والمال والجاه فلا تظلم ولا تتجاوز , وما يشاء الله سيكون..

( الزيارات : 1٬044 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *