السنة والشيعة..تعايش لا تنافس

أي خلاف بين السنة والشيعة هو خلاف سياسي فى الغالب ، وتتحكم فيه الدوافع السياسية والحساسيات القومية ، ويتمثل الخلاف الدينى في مفهومِ الإمامة وسُلطات الإمام ، وهذا الاختلاف أدى إلى تباين المواقف في بعض المسائل الأصوليّة والفقهيّة ، ولسنا في صدد إعادة النظر في هذه القضايا الخلافية ، ولكن ما نشترك فيه جميعا هو محبة آل البيت والتعاطف معهم ، وإدانة كلّ المواقف السياسية التي أساءت إليهم ، وهذا أمر لا خلاف فيه ، فلا أحد يمكن أن يُنكر الظلم الذي لحق بآل البيت من الأمويين والعباسيين ، وهذا خلاف سياسي وليس خلافاً دينياً ، فأهل البيت يعتقدون أنهم أولى بالحكم من غيرهم ، و أن الإمامة منحصرة فى أئمة آل البيت من أبناء الحسين رضى الله عنه وفق معايير معتمدة عندهم ، وهذا جزء من عقيدة الشيعة الإماميّة ، ولسنا بصدد الحديث عن أوجه الخلاف بين السنة والشيعة ، وإنمّا نودّ الحديث عن أن هذا الخلاف المذهبي لا يجوز أن يكون سبباً للخصام والعداوة ، فمن حق الشيعة أن يعتقدوا بما يشاؤون وان يكون لهم آراء فقهية تعبر عن فقه الأئمة من آل البيت ، والخلافات الفقهية ليست كبيرة ، ويجب أن يوجه الاهتمام للتقريب بين السنة و الشيعة ، وأن يُزال سوء التفاهم بين أتباع المذهبين ، وألا يسمح عقلاء المذهبين وحكماؤهم من توسيع دائرة الخلاف بين أتباع المذهبين من العامة ، فالشيعة مسلمون ملتزمون ولهم منهج متميز ، وأصول معتمدة لديهم ، والفقه الجعفري أسهم في إغناء الفقه الإسلامي باجتهاداته وأحكامه ، ولا أجد خلافاً في الأصول والثوابت الشرعية ، ولا يمكن تجاهل الفقه الشيعي أو التقليل من أهميته ، ويحظى الفقه الجعفري بمثل ما يحظى به الفقه السني من مكانة بين الفقهاء ، ويجب أن تهتم الموسوعات الفقهية بالفقه الشيعي والفقه الزيدي والفقه الإباضي كما تهتم بآراء أئمة المذاهب السنيّة ، وكلّمة الفقه الإسلامي تشمل كلّ هذه المذاهب كما تشمل آراء الفقهاء الذين لم تشتهر آراؤهم ، فالفقه الإسلامي يشمل كلّ الآراء والاجتهادات التي صدرت عن المجتهدين ، ومعيار الترجيح بين هذه الآراء هو الدليل وسلامة الاستنباط ، ولا ترجيح بين الآراء والمذاهب إلا بقوة الدليل ، ولا تعصب لمذهب ، والتعصب ليس من شيم العلماء ، والأدلة مرجحة ، والتعصب المذهبي لأي مذهب أمر مذموم وظاهرة خاطئة ، وأي خلاف بين الشيعة والسنة يجب أن يكون في إطار الوحدة الإسلامية ، والاحترام المتبادل بين المذاهب ، ومن حق كلّ مذهب أن تكون له خصوصياته بشرط أن تكون منسجمةً مع الثوابت الإسلامية في العقيدة والشريعة والأخلاق.

( الزيارات : 1٬597 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *