السيد النبهان وبداية عصر الكلتاوية

 

ذَاكرة الايام.. السيد النبهان  ..بداية الكلتاوية   

  

كلما زرت الكلتاوية. اتوقف طويلا. في حالة تأمل. واستعيد ما كان في الذاكرة من. صور الماضي عندما زرتها لاول مرة. في السنوات المبكرة في سن. الطفولة . ما زالت صورة الماضي. في الذاكرة كما هي لم تغادر الذاكرة ، اتذكر كل شيئ. كما كان ، الاماكن. وملامح الاشخاص كما هم. والاحداث ، كان كل شيء  جميلا كما كنت اراه . وكنت ارى الكلتاوية القديمة بكل معالمها هي  الاجمل بالرغم من قدمها ، لقد ا رادها السيد النبهان ان تكون حديقةً. جميلة باشجارها. وازهارها والمياه التي تجري فيها بعد  ان كانت مهجورة ومنسية فى تلك الهضبة العالية فى نهاية حي قديم ، وكان. كل شيء  منسيا  ، مجرد. جدران. اربعة متهالكة وقبلية صغيرة. للصلاة ، ودرج. تاريخي. مرصوف باحجار. كبيرة ،. ونافذه صغيرة تطل علي مقبرة مهجورة. موحشة مليئة بالاشباح من الاشرار والبؤساء  ، لم يلفت انتباهي كل ذلك ولم افكر فيه ، كنت اراها دافئة ومؤنسة ،. وكنت اري السيد النبهان في كل مساء يجلس في زاوية من تلك الحديقة. ويجلس حوله عدد من محبيه يتكلم وينصتون بادب ، وكأن علي رؤوسهم الطير ، كان المحبون يأتون منً كل مكان بالرغم من وعورة الطريق الى الكلتاوية ، كانوا سعداء بما يسمعون من السيد وهو يحدثهم عن هذا الوجود الذى اراده الله ان يكون كما هو عليه ، اهمً ما كان يميز اخوان السيد  هو الادب ، وتلك هي شعار منهجية السيد النبهان التربوية  وكانهم في. عالم اخر من الشعور بالدفء الروحى ، وقد تمتد تلك المجالس الي الليل ، عالم اخرمن الاهتمامات  ومجتمع اخر مما اعتاده  المجتمع  , احاديث  مختلفة عما اعتاد الناس عليه ، لم يتصور اي احد ان تلك الكلتاوية القديمة. سوف تكون بما هي عليه. الان بعد خمسين عاما  ، وفجأة. اعلن السيد النبهان عن بناء الكلتاوية الجديدة ،  كان اخوان السيد هم الذين يبنون ويحملون الحجارة من اسفل الحي من قبو النحارين الاثرى الي اعلاه وهو المكان الذى امضى فيه السيد النبهان اكثر من عشر سنوات من العزلة الروحية  ، كان السيد النبهان يرفض اي اسهام. من الدولة او من اي تبرع من اي احد خارج. اخوانه ، كان يريد ان يكون بناء المسجد هو. المجاهدة الروحية  وهي العبادة التي يتقرب بها الي الله تعالى  , وكنت ارقب كل ذلك واتابعه. عن قرب وما زالت تلك الصور فى الذاكرة كما هي ، لقد عشت كل مراحل البناء من البداية الى النهاية ، منهجية. تربوية ير معتادة  لفهم رسالة الدين ، الدين لاجل كمال الحياة التى ارادها الله ان تكون كما هي عليه ، كل اخوان السيد في الكلتاوية كانوا متكافلين. متعاونين. متحابين. ، لم يكن هناك اية طبقيةً اجتماعية في بيوت الله ، ، في بيوت الله لا احد الا الله وفِي سبيل الله ولاجل الخير والحياة ، وكنت مع السيد النبهان في كل الخطوات الاولى ، منهج تربوي. لاجل. تنمية مشاعر التكافل في سبيل الخير ، كنت اري. في كل ذلك. المنهج الاسلامي التربوي لتكوين الشخصية ، كانت تلك الحقبة التي امتدت مدة عشر سنوات هي المدرسة.التربوية والتكوينية الاولي والاهم  والاكثر تأثيرا بالنسبة لي وهي الاهم. فيما بعد ، وعندما اكتمل البناء. كان التفكير في بناء المدرسة الاولي.لتكوين جيل من العلماء  بنفس الروحية الاولي ، كان السيد سعيدا بما انجزه ، وكان يحمد الله عليه ان وفقه الله اليه ، وما زلت اول يوم في المدرسة عندما جلس السيد  في حديقة المدرسة وطلب مني ان اجلس الي جانبه لاختيار اول دفعة من طلاب العلم ، واخذ يـُمتحن. الطلاب بنفسه   لكي يختار منهم. من يجد فيه الاهلية، لحمل امانة العلم  , وكان يهتم بتكوين الشخصية اولا , وكان يقول العلم يكبر بالكبار فيكونون  به اكثر فهما لرسالة الاسلام ويصغر العم بالصغار الذين يجعلونه مطية لمعاشهم ، ويردد في مجالسه : اريد من يريد العلم لذات العلم. لكي ينهض بمجتمعه به وليس لكي يكون العلم مهنة معاشية له ،. وكان يضيق بمن يريد العلم مهنة  والدين مطية لدنياه ،. وكان   سعيدا . بما أنجزه ، وبدأت مسيرة المدرسة العلمية ، وكنت انساءل فيما بعد : هل كان السيد النبهان صاحب مشروع. اصلاحي لبناء مجتمع اسلامي يحسن فهم الاسلام كمنهج لاجل الحياة ، كان يريد الاسلام. كرؤيةً. كونية للحياة من منطلق ايماني وانساني. يعتمد علي احترام الانسان. الذي اراده الله. ان يكون هو المؤتمن علي الحياة ، كان يري المسجد هو المنطلق. لبناء الحياة ، وانطلق منه لانشاء جمعية. النهضة الاسلامية التي كانت تعمل. لمساعدة المستضعفين والنهوض بمجتمع الاحياء الفقيرة وأنشأ معاهد لتكوين ابناء تلك الاسر ، ثم انتقل الي الريف وعمل علي نهضة الريف. واحياء الارض واستخراج الماء وتشغيل العاطلين عن العمل. ، وانطلق من قرية التويم لكي. بنهض بكل تلك القوي من الريف الجنوبي لمدينة حلب ، وعندما ذهب الي العراق. احدث ثورة اصلاحية حقيقية فيه من خلال ذلك الجيل الذي حمله مسؤولية النهوض بمجتمعه. وبخاصة في منطقة الفلوجة والانبار ، كان كالمطر في كل مكان يذهب اليه ، ولا بد الا ان تنبت الازهار فيه ، ولَم تكن. الطرق امامه معبدة ، وكان يواجه. التحديات. بشجاعة. ، كانت العواصف التي رافقت مسيرته. شديدة ، ولكنه لم يضعف ، كانً رجلا بامة ، واثاره. تدل عليه ، تعلمت الكثير منه ، واهم ما تعلمته ان الاسلام. لاجل الحياة ، ان تعيد صياغة الشخصية. بحيث تكون اداة التغيير. الاجتماعي نحو الافضل ، العظماء. يتركون اثارهم من الرجال. ومن المواقف ، والعطماء لا يكتشفون في عصرهم ولا في العصر الذي يليه، لان المعاصرة حجاب ،. وهناك الكثير من معاصريهم. ممن يحاولون. تشويه اعمالهم وتجاهل. اثارهم. ، , لا اشك ان السيد النبهان كان من ابرز الشخصيات. التي انجبتهم مدينة حلب. ، كان مختلفا عن كل الاخرين من علماء عصره ، كانت له شخصية متميزة في حسُن فهمها لمعني الدين ورسالة الدين ، كان فيه شموخ العلم. وهيبة المباركة ، عندما جلست معه قبل وفاته بايام قليلة لم اتصور انني اودعه ، كان عظيم الاهتمامات كبيرا المواقف ، لم يضعف بالرغم منً كل التحديات التي واجهته. ، كنت اراه ينظر الي الكلتاوية التي ارادها ان تكون. التراث الذي تركه من بعده.من خلال. آثارها. في مجتمعها، قال لي كلمات اسعدتني،وظلت حية في ذاكر تي، كان سعيدا بما كنت إحدثه عنه عن رحلتي الاولي. الي المغرب للمشاركة في الدروس الحسنية ، واشرقت ملامح وجهه. عندما اخذت احدثه عن تلك الزيارة الاولي التي التقيت فيها لاول. مرة شيخ الازهر الدكتور عبد الحليم محمود الرجل الصوفي وكان من ابرز من عرفتهم تعبيرا عن الشخصية الصوفية ، وتعددت لقاءاتي بالسيد النبهان. ، كان سعيدا. وكنت اشعر انه في حياتي ، يريد ان احدثه عن كل شيئ في حياتي، كان في كل ليلة القاه واجلس معه طويلا ، وكان يزودني بكلمات. كنت احتاج اليها ، وكان يشعرني بالمحبة والرعاية والاهتمام ، لم اتصور انني اودعه. ، كانت كلماته. تمدني بقوة ايمانية ودفء روحي ، كان يثق بي ، ويشعرني.

 

( الزيارات : 532 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *