السيد جمعة الماجد

ذاكرة الايام..السيد حمعة الماجد
اعتاد الصديق السيد جمعة الماجد ان يتصل بى بالعيد من دبي او اتصل به و ولم يحدثنى قط عن اعماله التجارية ولا عن اسواق دبي ولاعن نهضتها العمرانية , وانما كان يحدثنى عن الثقافة والتراث والمخطوطات وكيفية اعداد الجيل الجديد فى دبي تربويا وعلميا لكي يكون مؤهلا لحماية ثقافة الاسلام وفهم قيمه الاصيلة وقد انشامؤسسات علمية راقية ينفق عليها من ماله لخدمة تراث الاسلام والتعريف به..,
فى عام 1995 زارنى فى منزلى فى الرباط لاول مرة يرافقه احد مساعديه الدكتور عبد الرحمن فرفور ..لم اكن اعرفه من قبل , سمعت الكثير عن اهتماماته الثقافية ولكننى لم التق به , حدثنى خلال اللقاء عن كلية الدراسات الاسلامية والعربية التى انشاها فى دبي والتى تعتبر من اهم معالم دبي وحصونها العلمية للحفاظ على الهوية الاسلامية فيها , وطلب منى ان اشارك فى لجنة علمية فى كليته لانشاء قسم للدراسات العليا الاسلامية قسم الماجستير كما حدثنى عن انشائه فى دبي اهم مركز للثقافة والتراث يضم اهم المخطوطات والكنوز العلمية التى كادت ان تنقرض فى خزانات المخطوطات القديمة فى مختلف البلاد..اعجبت بشخصية هذا الرجل الذى لم يحدثنى عن اعماله التجارية وشركاته الكبيرة ولم يحدثنى عن اسواق دبي وشوارعها, كان فى غاية النبل والخلق والعفوية والايمان برسالة الثقافة والتراث فى نهضة مجتمعه فى دبي وفى كل دول الخليج لكي ينهض الخليج بجهد ابنائه ورقي اهتماماتهم الحضارية ..ذهبت الى دبي واستقبلنى فى المطار الدكتور ابراهيم السلقينى رحمه الله وكان عميدا للكلية ..اجتمعنا فى رحاب الكلية وشارك فى الاجتماع معنا الدكتور سعيد رمضان البوطى والدكتور عبد العزيز الخياط وزير الاوقاف الاردنى رحمهما الله ومعاون رئيس جامعة الازهر بالاضافة الى عميد الكلية والدكتور مازن المبارك والدكتور عبد الرحمن الصابونى من اساتذة الكلية وتكلم السيد جمعة الماجد بصفته الرئيس الاعلى للكلية عن طموح الكلية فى انشاء دراسات عليا للماجستير ..فى اليوم الثانى اصطحبنى السيد حمعة الى مركزحمعة الماجد للثقافة والتراث واعجبت بما رايت من حسن تنظيم واهتمام بالكتب والبحوث والاطروحات والمخطوطات النادرة التى جمعها المركز من مختلف دول العالم و وقام بتصويرها فى افلام وثائقية , ويضم المركزالان اكبر مجموعة من الافلام المصورة للمخطوطات النادرة لكي تكون بايدى الباحثين كما اعجبت باهم ورشة فنية للقيام بترميم المخطوطات واعادتها كما كانت , واخترع المركز اهم جهاز لترميم المخطوطات والعناية بها واهدى هذا الجهاز لكل مكتبات المخطوطات فى العالم , وقد اكبرت هذا الجهاد العلمى الصادق المعبر عن فهم راق لمفهوم النهضة , وزرت برفقته بعض المؤسسات التربوية التى اسسها لخدمة الثقافة والتربية للطلاب الضعفاء والمحتاجين …واصطحبنى الى ابوظبى واستقبلنا سمو الشيخ زايد رحمه الله فى قصره بحفاوة وتكريم وتناولنا الطعام معه بحضور وزير التعليم العالى الشيخ نهيان وعبرسموه عن اعجابه بما يقوم به السيد حمعة الماجد من ابراز صورة مشرقة وراقية لدبي والامارات وكل الخليج وشكره على اعماله واشاد بجهوده واعتزازه بما يقوم به , وزرنا المكتبات الثقافية فى ابو ظبي واعجبت بما رايت..
بعد عام زار السيد جمعه الماجد المغرب بصحبة مجموعة من المصورين المختصين بالمخطوطات وقام بتصوير مجموعة كبيرة من نوادر المخطوطات المغربية النفيسة التى تتميز به الخزانات الملكية والخزانات العلمية الاخرى و ورأيته يطوف بنفسه فى الاحياء الشعبية والمساجد التاريخية القديمة فى المدن والارياف النائية لكى يصور اكبر قدر من هذه الكنوز العلمية النادرة ..
تاملت فيما رأيت , واعجبت بمثل هذه النماذج الراقية من الرجال الذين ارادوا ان يكون جهادهم هو خدمة تراث الاسلام فى كل مكان , والتعريف بهذا التراث واحياء كتبه بحمايتها من الاندثاروالنسيان ..ما اروع هذا الجهاد, وما اروع فتوحات العلم والثقافة فى تاريخنا الحضاري..
فى عام 1999 كنت فى الرياض عضوا فى اللجنة العليا لجائزة الملك فيصل العالمية , وقررت لجنة خدمة الاسلام لذلك العام ان تمنح الجائزة الكبرى للسيد جمعه الماجد تقديرا لجهوده وتكريما له . وعندما تمّ الاعلان عن الجائزة اتصلت به مباشرة وابلغته بقرار اللجنة وهناته بهذا التكريم الذى هو تكريم للعمل الصالح ووفاء لرموزه ..
كلمنى قبل ايام بالهاتف لكي ييارك لى بالعيد..قال لى سعيدا فرحا كعادته فى كل مرة : اريد ان ابشرك بامرين : اولهما اننا منحنا الماجستير فى العلوم الاسلامية حتى الان لمائة وستين طالبة وثانيهما اننا عقدنا مؤتمرا فى مركزنا فى دبي خلال رمضان لتصوير كل المخطوطات الاسلامية الموجودة فى اوروبا ..سررت بما اخبرنى به وهناته عليه ..
متى نتعلم ان تكون عبادتنا هي العمل الصالح وان نتقرب الى الله بما ينفع الناس ..هذه نماذج انسانية من مجتمعنا تستحق ان تحظى بالتقدير والتنويه والدعاء لهم بالرعاية والتوفيق..

( الزيارات : 1٬699 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *