العدالة.. اما ان تكون او لا تكون ..

كلمات مضيئة..العدالة اما ان تكون او لا تكون..

.ليس كل السارقين والمغتصبين والطامعين اغبياء وجهلة ومغامرين , كنا عندما كنا صغارا نظن من خلال مانسمع من حكايات الجدات لنا ان السارق والمغتصب يتسللون ليلا فى غفلة عن الاعين  يسرقون ويهربون وقد يلقى القبض عليهم ويضربون ويذلون وتكون تلك هي النهاية , كانا نفرح حينا عندما يتم القضاء عليهم , وكنا نحزن ونشفق عليهم عندما يهانون ويذلون .. لم يعد الامر كما كان فى الماضى , السارقون اليوم والمغتصبون لحقوق المستضعفين هم من اصحاب الياقات البيضاء , انهم اذكياء ومتعلمون ومتحضرون واصحاب مكانة واحترام فى مجتمعهم , انهم يرفعون ارقى الشعارات ويفهمون فى القانون اكثر من كل الاخرين , الجريمة اليوم لم تعد كما كانت من قبل , اؤلئك البسطاء كانوا يسرقون الخبز لانهم جائعون ويسرقون قيمة الدواء لكي يعالجوا اطفالهم من الامراض , اؤلئك المجرمون هم ضحايا مجتمعهم , انهم يبحثون عن الحياة من خلال ما يسرقون ,  كان الثمن الذى يدفعه هؤلاء كبيرا , انهم البؤساء حقا , بؤساء اذا استقاموا وبؤساء اذا سرقوا وعوقبوا , لا ادافع عنهم فالمجرم لا يستحق الشفقة لان البؤس يجعله قاسي الملامح والعواطف لا يرحم ضحيته  , لقد جعله البؤس كتلة من الحقد لا يرحم الابرياء ولا يرحم  ضحاياه ,

   تاملت فى هذه الصورة من السارقين والمنحرفين وكنت اقول لنفسي لولا الفقر المذل لكان بعض هؤلاء من اهل الاستقامة , وكنا نسمع فى الحكايات ان بعض هؤلاء كانوا يتوبون ويرجعون الى الصواب عندما يسمعون كلمة موقظة من رجل صالح او اوامراة مسنة او طفل يخاطبهم بما يوقظ قلوبهم مما هم فيه من غفلة وقسوة  ,  المجرمون اليوم يختلفون عما كانوا عليه , ليسوا ضعفاء ولا فقراء ولا جهلة ولا محتاجين , قد يملكون الكثير من الاموال والامتيازات , هناك افراد وهناك دول كبيرة وذات نفوذ , تملك السلطة والقوة ومع هذا فهي تطمع فى الاستحواز على ثروات الاخرين من الافراد والشعوب , ما اقسى ما يفعلة الطغاة بالمستضعفين من اذلال , كانت رسالة الاديان على امتداد التاريخ ان يقف انبياء الله الى جانب المستضعفين والمستذلين ضد الطغاة الذين يستعيدون الانسان وقد خلقه الله حرا كريما , لا عبودية الا لله تعالى , فى الماضى كان طغيان  الفراعنة والملوك المستبدين , ثم كان الاستعمار لكل الشعوب المستضعفة للاستحواز على ثرواتهم , واليوم انتهى الاستعمار وما زال اقسى مما كان اثرا واكثر طمعا  , انها سياسات الهيمنة وسلطة الاقوى على الاضعف , هناك الاحتكارات التى تتحكم فى الاسواق والانتاج وهناك سلطة المال وهى اشد قسوة من كل سلطة , لا احد  يقف الى جانب المستضعفين من الدول والشعوب وهم يواجهون  من يترصدهم ويتحكم فى مصيرهم , سياسات الهيمنة تتحكم ولا خيار الا الاذعان , هؤلاء لا يسرفون قيمة الخبز ولكنهم يسرقون كل ما يملكه الاخرون من ثروات وكفاءات ويتحكمون فى كل الاختيارات والقرارات , انهم يعيدون بناء الانسان لكي يكون كما يريدون فكرا وسلوكا وثقافة وقابلية للتبعية , هؤلاء الاقوياء يسخرون كل شيء لما يريدون , اليسوا هم الاوصياء على كل المستضعفين ,  هناك خيار وحيد الاذعان او الفوضى , الجزية لقاء الحماية , لقد انتهى عصر الاحتلال والحماية وجاء عصر الرضوخ والتبعية , من تمرد عليهم اخافوه وسلطوا عليه من يتوعده بسوء المصير , ومن رضخ لهم ابتزوه وسلبوه كل شيء باسم القانون والحماية للدفاع عن الامن والسلام , ما اقسى ما يفعله الكبار بالصغار ابتزازا واذلالا , انهم يشجعون الجار على جاره والاخ على اخيه والابن على ابيه , اقربهم اليهم اكثرهم رضوخا لاهوائهم وحماية لمصالحهم , ما تدفعه الدول  المستضعفة على السلاح اكثر بكثير مما تدفعه لشعوبها للنهوض بها الى الافضل , اذا لم تتحقق العدالة بين الشعوب فمن الصعب ان يتحقق السلام , اذا لم تكن هناك عدالة فثورات المستضعفين والمحرومين حتمية , التوزيع العادل للثروات اول خطوة فى طريق السلام , الشرعية الدولية يجب ان تكون عادلة وتعبر عن ضمير الشعوب , والعدالة هي العدالة لا انتقائية فيها , فاما ان تكون اولا تكون ..

( الزيارات : 1٬047 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *