الحصون المهددة

كلمات مضيئة..الحصون المهددة ..

لم نكن هكذا ابدا من قبل ..

تاملت فيما نحن فيه اليوم , ورجعت بذاكرتى الى الماضى عندما كنا اطفالا ثم شبابا وكنا نحلم كثيرا وما اجمل الاحلام فى سن الشباب , كنا نظن اننا سنكبر وسوف نحقق الكثير لانفسنا اولا ولاولادنا ثانيا , وما اسعد احفادنا وقد رأوا جهد ابائهم واجدادهم من قبل , كنا كبارا بما نحلم به ..

 واليوم نتذكر تلك الايام زنتساءل هل كنا على خطأ ام اننا كنا حالمين , مانراه اليوم لم نفكر يوما انه يمكن ان يكون , كنا نستيقظ كل صباح على انتصار جديد , كان الوطن العربى كبيرا وممتدا من المحيط الى الخليج , كنا نتحدى كل من يعترض طريقنا , كنا نكبر فى كل يوم , كانت الجامعة العربية بضع دول واصبحت الجامعة العربية اكثر من عشرين دولة , كانت صيحة التحرير فى كل مكان , كنا امة نختلف كما يختلف الاخوة فى اسرة واحدة ثم نجتمع على مائدة العشاء جميعا نضحك حينا ونتلاوم حينا اخر فاذا سمعنا صوت غريب فى حديقة بيتنا نخرج ونحن نحمل سلاحنا نطارده ونخيفه , كان لنا عدو واحد وكلنا متفقون على مقاومته لانه اغتصب جزءا من ارضنا , كنا نحلم ان نسترد ما اغتصب من  ارضنا , كنا نكبر فى كل يوم , اليوم قد تغير كل شيء ولم نعد كما كنا , دولنا الكبرى لم تعد كبيرة , تناثرت اجزاؤها , كنا نقاوم اتفاقية سايس بيكو ومخطط التقسيم واصبحنا اليوم نقاوم لكي نحافظ على ذلك التقسيم كما كان  , اصبحنا ندافع عن تلك الحدود ونتمسك بها , اصبحنا نحلم بما كنا نرفضه من قبل , ما الذى تغير وتبدل , كنا نقاوم اعداءنا واصبحنا نستنجد بهم ونستعين بمن كنا له كارهين , ما اقسى ما فعلناه بانفسنا , كنا نحلم بربيع عربي كما تحلم كل الشعوب , انهارت جيوشنا القوية التى انفقنا عليها الكثير لكي ندافع عن ارضنا وشعبنا , ثرواتنا التى كنا نريد ان ننفقها على شعبنا لكي نبنى بها مجتمعا متكافلا ناهضا طامحا متقدما ذهبت ثمنا لسلاح نقاتل به بعضنا ومشاريع وهمية اصبح العالم كله  يتسابق عليها , الكل فى مواجهة الكل فى حرب ضروس باسم القومية حينا وباسم الطائفية حينا اخر , شعارات غير معهودة من قبل اصبحت هي الشعارات , لا احد منا يفهم ماذا يجرى , الكل فى مواجهة الكل فى حرب عبثية لاتحقق هدفا , الكل خاسر فيها , جاهلية جديدة كنا نظن انها قد انتهت بالاسلام وتغلبنا عليها بالاسلام , شعوب المنطقة متشابكة ومتصارعة , العرب والترك والفرس والكرد كلهم شعوب اسلامية كانت من قبل متعايشة متساكنة متكافلة متعاونة , اليوم الكل يحمل شعاراته ضد الاخر , امر ما سيكون حتما ويجرى الاعداد له , كل الحصون قد اسقطت جدرانها وكل القلاع التى كانت صامدة قد اقتحمت , وشعبنا الاعزل يبحث عن الحياة مهاجرا مستضعفا مطاردا , فى كل يوم تشتعل النيران فى غاية من غاباتنا , امر ما يجرى الاعداد له , الدولة التى نستعين بها ونستنجد بقادتها لكي تحمينا وتدافع عنا هي التى تعترف بان القدس العربية هي عاصمة لا سرائيل وتدعو العالم لكي يعترف بها , المواطن الاعزل المستضعف المستذل يقف حائرا مترددا لا يفهم شيئا مما يجرى امامه , لا يعرف الى اين يسير , كل الطرق اصبحت مليئة بالالغام والمفاجآت , لو عرفنا الطريق لسرنا فيه ولكننا لا نعرف من هو الوطنى الصادق ومن التاجر والمقاول والعابث والطامع , كل ثروات العالم العربي لن تتمكن من اعادة بناء ما تهدم , كانت الهجمة اقوى مما كان الكل يعتقد , مازلنا فى المربع الاول ولا احد يمكنه ان يتنبأ بما يمكنه ان يكون , الاجيال المقبلة ستفهم اكثر مما نفهمه نحن اليوم عندما يرفع الستار عما كان من اتفاقات وتنازلات , احيانا نتفاءل لكي يتمكن المواطن الاعزل المحبط من استرداد انفاسه  ولا شيء يدعونا للتفاؤل , ما سيجرى قد يكون اشد قسوة مما كان , مازلنا فى البداية , النظام العربي الذى كان بالرغم من هشاشته قد ينهار كليا وتبرز كيانات جديدة , هناك دول قد تتمدد وتتسع وهناك اخرى سوف تتقسم الى كيانات متناحرة , وهناك وصاية دولية قد تكون قاسية الملامح تمسك بزمام الامر لتمنع ذلك التشابك العبثي بين الكيانات , اخشى ما اخشاه واتمنى الا يكون ان يتقلص العالم العربي وينكمش ويصغر وينعزل فى دائرة مقفلة فى ظل عزلة عن العالم يمارس فيها حياة الجاهلية الاولى فى قبليات متعصبة متنافسة متغالبة , لاتتجاوز الجزيرة العربية التى اكنت مهد الجاهلية الاولى , اتمنى من كل قلبى ان نجد متسعا للتفاؤل وان يتغلب الامل على الاحباط .

خيار وحيد .. اما ان نصحو ونفشل كل مخططات التفرقة والتقسيم  وان نتحكم فى خلافاتنا ولا  نسمح لاحد ان يقتحم مخادعنا الوطنية ومقدساتنا الدينية وثوابتنا الاسلامية واما اننا سنواجه المؤامرة علينا بما نحن فيه من فرقة وانقسام واستسلام ..

كنا نحلم بامة عربية ووطن عربي متماسك متضامن , واليوم  نحلم الا يكون الانهيار الذى يهدد وجودنا  , وان يفتح باب الحوار لوقف هذا الاشتباك بين الدول المتجاورة والمتساكنة والا يسمحوا لغريب مشبوه الاهداف ان يتدخل بينهم بما يجعل الخلافات اكثر عمقا وعنفا ..

مهما كان الواقع مؤلما فسوف نحلم بالافضل كما كنا من قبل , لعل الله ان يحدث لنا امرا وان يشرح الصدور لما فيه الخير والسداد .

 

 

 

 

 

 

( الزيارات : 1٬153 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *