العقل والقلب مصدران للمعرفة .

نفحات روحية

كل انسان يملك قابلية العلم والمعرفة , والانسان يشبه حوض الماء الذى تتجمع فيه مياه كل السواقي المتجهة اليه , منها ما هو صاف ونظيف ,  وهي السواقي التى كانت محكمة الضفاف نظيفة من الشوائب لم تلوثها الاوساخ وظلت مياهها كما هي لونا وطعما , وهناك سواقي غير محفوظة تأثرت بما اختلط بها من الاتربة والاوحال فتغير لونها وساء طعمها , وكل ذلك يصب فى ذلك الحوض الجامع لكل ما ياتيه ,..

الانسان هو ذلك الكائن الذى اراده الله ان يكون خليفته فى الارض رقيا وكمالا,  وهو المكلف والمخاطب والمؤتمن , ويملك حرية الاختيار لكي تقام الحجة عليه ..

 اما مصادر معرفته فهي مصدران :

 الاول هو العقل المخاطب , والعقل يستمد معرفته عن طريق الحواس التى يملكها , وهي تمده بكل ما يراه ويسمعه , وهذه الحواس صادقة فيما تنقله , تنقل بامانة ماتراه وتسمعه , وتترك لذلك العقل حرية ما يختار منها ,  فاذا كانت تلك المرئيات والمسموعات صافية نقية جميلة الملامح مشرقة المعالم انتقلت الى ذلك العقل واوجدت لديه استعدادا لما يناسبها من خواطر الخير وعواطف الرحمة وكان الانسان اكثر استقامة فى فكره وفى كل تصوراته , اما اذا نقلت حواسه الى ذلك العقل ما تراه من ظلم وقسوة وعدوان كانت خواطر ذلك العقل اكثر ظلاما واستعدادا لافعال الشر , ثمرات العقول هي ثمار لما هي فيه , فاذا كانت الارض خصبة وسقيت بماء لا ملوحة فيه فلا بد الا ان تثمر ما لذ من الثمار وماطاب منها , وهذا هو سبب ما نراه من اختلاف عطاء العقول , رقيا وانحدارا من خواطر الخير والشر , المياه الصافية ليست كالمياه العكرة , والخواطر هي وليدة ذلك الحوض من الماء , من حفظ سمعه وبصره من الشوائب كانت خواطره اكثر صفاءا وتعلقا بالخير والكمال ..

المصدر الثانى للمعرفة هو القلب , والقلب كالعقل كل منهما يؤدى مهمته فى تحديد خصوصية الانسان , العقول متأثرة بالغرائز المتحكمة كالشهوات والاهواء والانفعالات , واحيانا تتحكم تلك الغرائز فى كثير من العقول , وقلما يستطيع العقل ان يتحرر من تعلقاته واهوائه ومصالحه , ولهذا كانت الرياضات النفسية والمجاهدات الروحية للتحكم فى تلك الاهواء والشهوات لكبح جماحها لئلا ينزلق صاحبها الى حضيض لا يليق به من الاوصاف المذمومة , كالحقد والطمع والحسد والكبر والغرور , وهي اوصاف لا تليق بالانسان وهي حجاب عن الله ولا يفلح من تمكنت منه اهواؤه فكان بها محجوبا ومبعدا ,

القلب هو موطن الفطرة الانسانية , والمعرفة القلبية هي معرفة ذوقية مستمدة من الله تعالى عن طريق الالهام الروحي الذى يشعر به الانسان لا عن طريق الاستدلال العقلي ولا عن طريق التجربة الانسانية وانما عن طريق طهارة القلب وحفظه والتوجه بكامل الهمة الى الله تعالى , وهذه المعرفة ذوقية ومستمدة من السر الالهي الذى اودعه الله فى قلب الانسان معرفة بالله  وفهما لما يريده من عباده  , وهذه المرتبة فى الوجود ثابتة وهي من الجود الالهى الذى يكرم به من شاء من عباده الصالحين , من توهم هذه المرتبة فهم  كثر ومعظمهم صل بها وانحرف  , ومن ابرز علا ئمها السكون القلبى لما اراده الله والتسليم له , من تعلق قلبه بها فهو من المحجوبين عنها , ومن ادعاها لنفسه كان جاهلا بها , والطريق الى هذه المرتبة ليس كثرة العبادة وانما بحسن الادب مع الله فى اداء  تلك  العباده وعدم التعلق بالدنيا ولو اشتغل بها , وصاحب هذه المرتبة يصدر الخير عنه من غير تكلف ويكون اكثر رحمة بالخلق سعيدهم وشقيهم..  

( الزيارات : 544 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *