الفكر الصوفي والتربية النفسية

نفحات روحية..الفكر الصوفي وا

 

لتربية النفسية ..

ابدع الفكر الصوفي فى امرين :

الاول : الاهتمام بالتربية النفسية ومعرفة طبائع النفوس وامراضها وما يعترضها من احوال روحية بعضها صحيح والكثير منها متوهم , والمتوهم بعضه توهم صادق يعتري بعض الصالحين  والاخر توهم ناتج عن تكلف وادعاء , ولان هذه الاحوال لا تخضع لمعايير عقلية فمن اليسير ان يختلط الحق فيها بالباطل  وتلتبس الامور  , عندما نخضع كل ذلك لمعيار الشرع والعقل معا نستطيع ان نرقب ونميز , ولا اتكلم عن تصوف عصرنا فهو مرآة لواقعنا كما نراه  , وانما اتكلم عن عصر ازدهار التصوف وعصر ائمته  , مهما يكن من امر فان الفكر الصوفي اسهم بطريقة اكيدة فى اثراء الدراسات النفسية المتعلقة بالقوة الغريزية الشهوانية والغضبية , وهي قوى ضرورية لكمال الحياة وتلبية مطالب الابدان , ويملكها الانسان والحيوان معا , فالحيوان يطلب ما يحتاج اليه من طعام وشراب بقوته الشهوانية التى تدفعه للبحث عن طعامه , ولو بالعدوان على من هو اضعف منه لا شباع حاجته , ويدافع عن حياته عندما يقع العدوان عليه , ويملك بطريقة غريزية الطريقة التى يحمى بها نفسه , وهو بذلك كالطفل والمجنون يتحرك بطريقة غريزية من غير تامل فيما يفعله , اما الانسان فانه يملك قوة التمييز بواسطة القوة العقلية , ولكن هذه القوة تخلق ناقصة وقاصرة وتنمو وتكبر بالتجربة والتربية والتعليم , وكلما كبرت تحررت من خضوعها للقوة الغريزية , ولذلك نرى الجاهل تتحكم فيه اهواؤه وشهواته واذا غضب تحكمت فيه غريزة الحقد والرغبة فى الانتقام والعدوان , العقل كالبدن ينمو رويدا بالعلم والمعرفة والتجربة الانسانية ولذلك كانت دراسة التاريخ مهمة لانها مدرسة يتعلم منها الانسان تجارب السابقين من الافراد والمجتمعات ..

   الثانى : تعميق القيم الايمانية عن طريق الاهتمام بما خفي عن الظاهر من البواعث والمقاصد والدوافع , مانراه ليس هو الحقيقة , اننا نملك من خلال حواسنا ان نرى ونسمع ونحكم بما نراه وما نسمعه,  و اقصى ما يمكننا فعله ان نرصد الافعال من خلال القرائن , لا يمكننا ان نميز بين الصادق والكاذب الا من خلال القرائن , هناك درجات قلبية لاتدرك بالظاهر , الاسلام يثبت بالشهادة اما الايمان فلا يمكن التثبت منه الا من خلال اثاره , التربية الصوفية اهتمت بطهارة الباطن , ولذلك  اثاره الظاهرة فى السلوك الانسانى , واهم اثاره صفاء النفوس وسكونها والصدق والاستقامة والاخلاص والادب والرحمة واحترام الحياة وحقوق كل الاخرين وكراهية العدوان والظلم والطمع والحقد والفساد ,

عندما تكون مسلما تتخلق بخلق الاسلام , الشهادة تعطيك بطاقة الانتماء الى الاسلام ولا يعنى ان تكون مسلما صالحا الا اذا التزمت باخلاق الاسلام ,

الصوفية منهج تربوي لكي تكون اصلح وافضل ايمانا وسلوكا , فاذا لم تثمر التربية الصوفية ذلك فلا حاجة اليها , الصوفية ليست طقوسا ومصطلحات وادعاءات تتغلب فيها العادات وتتحكم فيها الاهواء والمصالح , الصوفية ليست مغالبات وتطلعات دنيوية الى الجاه والشهرة , ما نراه اليوم صورة باهتة تعبر عن مجتمعها فى واقعه , الصوفية الحقة اسهمت فى تنمية القيم الايمانية , الصوفية ليست سذاجة وتواكلا , عندما تستغنى الصوفية المعاصرة او السابقة  عما لا اصل فى الدين من الطقوس والافكار تحسن صنعا وتحافظ بذلك عن خصوصياتها التربوية , الصوفية تجديد العهد مع الله  وتصحيح الاعمال لكي تثمر فاذا لم تكن كذلك فلا حاجة اليها , الطريق الى الله ليس واحدا وكل طريق يقودك الى الله فهو حق , احذر اي طريق يبعدك عن الله , لا تستسلم للاوهام ولا تنحرف عن الطريق ولا تجعل الدين مطية لدنياك , من اراد الدين مطيته اذله الله ولو بعد حين , من اراد الدين فطريقة معبد امامه , ومن اراد الدنيا فطريقه ميسر له وعليه ان يسير فيه مع الاخرين , يغالبهم فيه ويغالبونه , والنصر فى النهاية لمن ملك اسباب النصر وفقا لما اراده الله ..ومن اراد الله فى عمله كان الله معه ناصرا ومعينا ..

( الزيارات : 570 )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *